الكنيســة

 

 
 
الكنيسة هي ملكوت الله على الارض أوجدها الله الآب الذي أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل مَنْ  يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية فأسسها بسقك دمه المقدس على خشبة الصليب، وأرسل الروح القدس ليقود المؤمنين به إلى الحقيقة كلها مذكّراً إياهم بكل ما علّمه يسوع، فهي خليقة الله وكلمته، وخليقة الروح القدس، وبما أنها تنتمي إلى الله فهي عطية الله، فلا يمكنها أن تقوم بذاتها أو لذاتها، ومن صلب طبيعتها أنها كنيسة مُرسَلة  دُعيتْ وأُرسلتْ لتخدم كأداة للكلمة والروح، خدمة الشهادة لملكوت الله

هي بيت الله والسماء المشيدة على الأرض، والكنيسة هي أيقونة في الهندسة المعمارية، وكل كنيسة هي نسخة عن السماء.

فالكنيسة وإن كانت قد بُنيت على الأرض فإنها ليست بناء"أرضيا" ورغم أنها تشبه أي بناء آخر، إلا إنها نسخة أرضية منقولة عن الكنيسة الحقيقية في السماء، فكل كنيسة أرضية هي في السماء كما يصفها القديس يوحنا الحبيب في سفر الرؤيا، والمباني التي نراها في المدن والقرى ونسميها كنائس، ليست إلا نماذج عن الكنيسة الأصلية.

الكنيسة واحدة هناك في السماء، وهنا على الأرض..والذبيحة تتم فوق، في السماء، وهنا، في نفس الوقت..بفارق وحيد، إنه فوق تزول الرموز والحجب، وأما هنا على الأرض فالحاجة إليها قائمة لأننا لا نزال نئن تحت عبء الجسد المعرّض للفناء.

 فمن المستحيل بناء مسكن سماوي على الأرض، ومن المستحيل أيضاً بناء السماء بالرخام أو الغرانيت أو الخشب أو بأية مادة أخرى من المواد الثقيلة التي نملكها على الأرض، فالمسكن السماوي يجب أن يُشاد بمواد سماوية ونحن لا نملكها، لذلك نبني على الأرض نماذج عن كنيستنا حسبما أوحي للأنبياء ونستعين بالرموز، والرمز هو التعبير بالصورة، بطريقة غير مباشرة، عن الحقائق التي نعجز أن نعبر عنها مباشرة، بسبب افتقارنا إلى الوسائل وفهم الرمز هو المساهمة في استحضار ما يمثل.

فالأيقونة، والكنيسة، والاحتفال بالذبيحة، والتعبد ذاته، مهما كان، لا قيمة لها في نظر غير المؤمن، كما أن لا قيمة لأثمن كتاب في العالم بالنسبة لأميّ، فمن لا يؤمن يقف غريباً أمام الكنيسة، والليتورجية، والأيقونة، مثل الأميّ أمام صفحات الكتاب.

 أول الرموز هو شكل الكنيسة، إنها تشبه سفينة متجهة نحو الشرق، وشكل السفينة يرمز إلى الكنيسة ليست الأرضية، إنها تطفو مثل سفينة فوق الأرض فهي صورة الله وهكذا ترمز إلى الكون كله لأن الله هو الكل، والكنيسة تقسم إلى ثلاثة أقسام لأن الله مثلث الأقانيم.

  فالقسم الرئيسي في الكنيسة هو قدس الأقداس الذي يرمز إلى السماوات  وسماء السماوات حيث يقوم عرش الله والكاهن الذي ينوب عن الله يقف في قدس الأقداس.

والقسم الآخر من الكنيسة أي صحن الكنيسة يمثل العالم المنظور، ففيه قبة الكنيسة التي ترمز إلى السماء، وأرض الكنيسة ترمز إلى ما يوجد على الأرض وعلى القبة صورة السيد الأعظم تعلو كل الصور، إنه يرمز إلى الشركة في المحبة والاتحاد بالمسيح، شركة قديسي الأرض مع قديسي السماء وتحت صورة السيد الأعظم نرى صورة المسيح تتوسط الأيقونات، وعن جانبيه أمه ويوحنا المعمدان، والملائكة والرسل مع باقي القديسين، كل هذا لكي نتذكر بأن المسيح هو في السماء بصحبة القديسين  وإنه معنا، وسيرجع يوماً.

 تحت هذه الأيقونات يجتمع المؤمنون لإقامة الذبيحة الإلهية والقديسون الذين في السماء ولا يفصل بينهم شيء فالسماء والأرض لا تنفصلان أثناء الذبيحة الإلهية ولهذا السبب يبخر الكاهن المسيح والقديسين والمؤمنين لأنهم مجتمعون في سفينة واحدة ومختلطون، إنهم قديسو السماء. لأن الكنيسة قبل أي شيء آخر هي مكان المصالحة بين السماء والأرض، هي اختلاط السماوي بالأرضي، بفضل حضور المسيح.

فالرموز لا تحصى، وكلها تعبّر عن التقاء السماء والأرض، إنهما تختلطان فيها كما تختلط مياه النهر في المصب والكنيسة كالأيقونة هي تكملة لصلاة الافخارستيا، وهي جزء مكمل لليتورجيا.

فكل يوم أحد هو فصح، إنه يوم القيامة، وفي يوم الأحد جدّد المسيح خلق العالم بقيامته، وبسبب هذا التجديد فإن أهمية يوم الأحد تفوق أهمية كل الأيام السبعة.