نظمت أبرشية حلب والاسكندرون للروم الأرثوذكس احتفالات سنوية باسم "سمعانيات"، وذلك احتفاءً بشفيع الأبرشية القديس سمعان العامودي، وقد ضمت الاحتفالات نشاطات متنوعة ليتورجية، لاهوتية، ثقافية، فنية وموسيقية، ورافقتها ندوة علمية لاهوتية تهدف إلى تعميق الفكر الكنسي ودعم الحياة الرعائية، وإحياء التراث الأرثوذكسي والإنطاكي.
وكان برنامج الاحتفالات يتضمن:
يوم الثلاثاء 1/أيلول، قداساً إلهياً احتفالياً في دير القديس سمعان العامودي قرب مدينة حلب.
يوم السبت 26/أيلول، أقيمت ندوة لاهوتية افتتحها صاحب السيادة المتروبوليت د.بولس يازجي بكلمة ترحيبية عبّر فيها عن اهتمام الأبرشية بهذه الاحتفالات، وأهميتها البالغة بالنسبة لأبرشية حلب، ثم عرضت الأخت آنا وهي من دير البشارة التابع للأبرشية برنامج العمل.
الندوة الأولى:
كانت باسم "العاموديون السوريون" الذي ألقاها prof.Panagiotis Skaltsis، وبعدها كانت المداخلة الأولى بعنوان "أنماط النسك في سوريا وتاريخه"، للارشمندريت Theoklitos Lamprinakos، والمداخلة الثانية بعنوان "العموديون-فن نسك سوري" لصاحب السيادة المتروبوليت د.باسيليوس منصور، أما المداخلة الثالثة فكانت بعنوان "القديس سمعان العمودي-حياته ومآثره"، للارشمندريت د.باسيليوس قدسية.
وعقب الجلسة مناقشة المواضيع السابقة، ثم عقبتها استراحة قليلة لتعود إلى:
الندوة الثانية:
وكانت بعنوان "العموديون في الليتورجيا والفن الكنسي"، وقد أدار الجلسة سيادة مطران الأرجنتين سلوان موسي، وعقبتها المداخلة الأولى بعنوان "القديس سمعان العامودي في الليتورجيا البيزنطية" للبروفسور Panagiotis Skaltsis، ثم عقبتها المداخلة الثانية بعنوان "تصوير القديس سمعان العمودي في اليونان خلال الفترة ما بعد البيزنطية" للبروفسورة Glykeria Chatzouli، أما المداخلة الثالثة فكانت بعنوان "دير وكنيسة القديس سمعان العمودي" للأستاذ عبد الله حجار.
انتهت الندوات الأولى والثانية بمناقشات مختلفة، ثم عقبتهما مأدبة غذاء للحضور، ثم تابعت الاحتفالات أعمالها بصلاة غروب احتفالي وبعدها عرض فيلم للقديس سمعان العمودي.
الندوة الثالثة:
وكانت بعنوان "العموديون والكتاب المقدس" حيث أدارها صاحب السيادة المتروبوليت د.باسيليوس منصور، عقبتها مداخلة أولى بعنوان "العموديون والمجتمع المعاصر" للمؤرخ Panteleimon of Veria، ثم عقبتها مداخلة ثانية بعنوان "العمود والصليب في حياة القديس سمعان" للارشمندريت د.يعقوب خليل، أما المداخلة الثالثة كانت بعنوان "روحانية النسك الأرثوذكسي بحسب العظة على الجبل" للارشمندريت Aimilianos Kazantzidis، وانتهت الندوة بمناقشات للمواضيع السابقة.
الأحد 27/أيلول، أقيم قداس احتفالي مشترك في كاتدرائية النبي الياس للروم الأرثوذكس، عقبته مأدبة غذاء، ثم قام الجميع بزيارة ميدانية لدير القديس سمعان العمودي خارج مدينة حلب، وفي المساء أقيمت أمسية مرتلة مسكونية على مسرح كنيسة النبي الياس اشترك فيها عدة فعاليات من الكنائس الشقيقة.
يد القديس سمعان العمودي:
تم استقبال رفات القديس سمعان العمودي التي احضرها من اليونان المطران بندلايمون مطران مدينة فيريا (وهو الاسم اليوناني القديم لمدينة حلب)، ونظم مجلس الكهنة أوقات التبرك والسجود للرفات المقدسة في كنيسة النبي الياس-الفيلات.
تشمل الرفات جزءً من اليد اليمنى للقديس سمعان، وهي موضوعة في علبة فضية على شكل يد، صُنعت في عام 1939، ونُقلت إليها الرفات المقدسة من حافظة فضية أقدم كان لها نفس الشكل لم يحفظ التاريخ أية معلومات دقيقة عنها، ولكن هناك شهادات مكتوبة ومخطوطات قديمة تشهد لوجود الرفات المقدسة للقديس والي تُحفظ اليوم في دير "تجلي المخلص" التابع لمدينة فيريا في اليونان.
يُكرَّم القديس سمعان بشكل كبير من قِبَل سكان مدينة فيريا، لوجود رفاته المقدسة فيها، ويحافظ دير التجلي على تقليد سنوي يختص بالقديس، فخلال شهري تموز وآب من كل عام يطوف رئيس الدير بالرفات المقدسة في القرى المجاورة من أجل التبرك وتقديس المؤمنين.
اختتمت الاحتفالات مساء يوم الأحد 27/9/2009 بأمسية موسيقية مرتلة أحيتها جوقة كنيسة اللاتين، وجوقة كنيسة القديسة تيريزيا للروم الكاثوليك، وجوقة القديس سمعان العمودي للروم الأرثوذكس، وجميعهم من مدينة حلب، وقد حازت هذه الأمسية على إعجاب كبير من الحاضرين، حيث حضرها وفد إكليروس اليونان برئاسة المطران بندلايمن، وكبار شخصيات حلب من جميع الطوائف والجهات الرسمية والشرائح الاجتماعية والثقافية.
فمَنْ هو القديس سمعان العمودي؟..
سمعان العمودي (389-459) قديس وناسك ولد في قرية سيسان الواقعة على حدود سورية وكيليكيا، عمل راعياً للقطعان، ولم يتلقَ أية ثقافة أو علوم، تاق إلى الحياة الرهبانية فعاش لعدة سنوات في دير، ثم ثلاث سنوات في مسك، حيث جذبت سمعته وشهرة عجائبه وفود الحجاج الذين تدفقوا بكثرة من كل أنحاء المسكونة.
لكن هذه الحشود من الزوار أقلقت هدوءه مما دفعه لإقامة عمود مرتفع يتنسك عليه دون ما يقيه حر الشمس والصقيع، طلباً للهدوء والتفرغ للصلاة والمعاينة الإلهية، هكذا كان القديس سمعان أول مَنْ ابتكر طريقة التنسك على عمود حجري، والتي انتشرت بعده في كافة مدن ومناطق الشمال السوري ومنها إلى أوروبا.
وصفه ثيوذوريتوس أسقف قورش ونسب إليه الكثير من المعجزات، منها انه كان يقضي الصوم الأربعيني منتصباً على قمة العمود ليلاً ونهاراً دون طعام أو شراب، ويُقال انه توفي بهذه الهيئة.
بعد وفاته بنيت كنيسة فخمة حول العمود الذي تعبد وتنسك فوقه لا تزال قائمة حتى يومنا هذا ما عدا سقفها، ثم توسع البناء إلى دير كبير واليوم أصبح مقصداً ومحجاً من مختلف أنحاء العالم.
يقع دير القديس سمعان في منطقة جبل سمعان شمالي مدينة حلب السورية، وهو من أهم الأماكن المسيحية الأثرية في سوريا.
من تعاليم القديس سمعان:
- جاهد لتحظى بالرب لك صديقاً فلا تعود تحتاج إلى احد، استقبل الرب في بيت نفسك فيحولك إلى كتاب مفتوح يقرأه الجميع.
- أن نحيا في العالم ولكن كأننا لسنا من العالم، يعني أولاً أن نتخلى عن إرادتنا فلا نعود نطلب شيئاً، بل نذعن لما يرشدنا إليه الروح في سريرة النفس، هذه هي الحياة المستترة في المسيح التي لا تطلب ما لنفسها بل تتوق إلى ضياء وجه الرب باستمرار.
طروبارية القديس سمعان: صرتَ للصبر عموداً، وللآباء القدماء ضارعت مبارياً لأيوب وليوسف بالتجارب، ولسيرة عادمي الأجساد وأنت بالجسد فيا أبانا البار سمعان توسل إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.