سلام لكِ أيتها الحرية..
أنتِ خبز الحياة، وبكِ يحيا الإنسان..
كم من شهيدٍ مات لأجلكِ..
الإبطال عُلقوا على المشانق هاتفين باسمك..
بدماء الأحرار صُبغت رايتك..
شعوب وأمم اضطهدت، واستُعبدت، واستفاقت، وثارت تنادي بكٍ حاملة رايتك..
عروش هوت، وتيجان تدحرجت، وحضارات أبيدت لأجلك..
استعاروا اسمك ليبيدوا شعباً، ويسلبوا وطناً، ويدنسوا أماكن العبادة، وطمروا آباراً، وجففوا انهاراً، ولوثوا بحيرات، ومحوا آثاراً، واصطادوا نسوراً، فعلوا هذا وأكثر، باسمكِ أيتها الحرية المنكوبة.
تجاهلوا انكِ نار ونور، نار تحرق أيادي الملطخة بدماء الأحرار، ونور يعمي بصائرهم.
أولئك القابعون في ظلام السجون، من أجلكِ اضطهدوا وعذبوا، إنهم ينشدون لكِ ويرددون اسمكِ في ليلهم الطويل في وحدتهم، في صلاتهم، فيشعرون بنورك يدخل قلوبهم ويلامس مشاعرهم.
لم تُصّم آذانك عن مناداتهم، وعن سماع صراخهم، فعيونك ساهرة دوماً، وقلبكِ يخفق بالحب أبداً، فأنتِ الأم الحنون.
أنتِ شمس النهار، وقمر ساهر حتى الفجر.
أنتِ المحبة، والمحبة أنتِ.
ذاكَ العبد المكبل بالقيد العائش في العبودية والظلم والقهر، نهض فجأة كالعادة محطِماً قيوده، نازعاً عن عنقه نير الاستعباد، لأن أصابعك لامست عينيه فأبصر، وهمست في أذنيه فسمع.
لكِ وحدكِ أيتها الحرية تغرد البلابل، وتحلق النسور، وتنحني الأشجار، وترقص الأغصان، وتغني الجداول والأنهار.
أولئك الذين ضحوا بحياتهم، رافعين رايتكِ، هم أبناؤك وأحفادك، أسماؤهم مدونة في سجل تاريخكِ، هم المختارون من البشر.
النسور والطيور التي تبني أعشاشها في قمم الجبال، وفي أعالي الأشجار، تنشد حريتها، تحوم بالأجواء، تلاعب الغيوم والهواء، تلك الطيور التي تعيش داخل الأقفاص، هي حزينة وباكية، لأنها تتشوق إليكِ.
النحل لولا حريته ما جنى شهداً ولا عسلا.
الحرية لم تكن يوماً سراً غامضاً من أسرار الحياة، بل كانت دوماً أنشودة الأمل.
الحرية مرآة صافية نشاهد حياتنا، وذواتنا فيها.
لا نراها، لكننا نحس ونشعر بوجودها.
أيتها الحرية رايتكِ عالية، ومآثركِ خالدة.
أحببتكِ وآمنتُ بكِ، وشاهدتُ ما فعلته تعاليمكِ في عقول الأمم.
أحسستُ بسحر أنوارك، فركعتُ أمام مهابتك، فسلام وألف سلام عليكِ أيتها الحرية.