في حديثنا عن صليب الرب يسوع لا نعني أن الصلب قد حدث وحسب، بل أن خشبة الصليب الكريم بملامستها جسده الطاهر قد تقدست أيضا، ولذلك فإننا نكرمها ونسجد لها.
ثمة أعداء للصليب ما زالوا موجودين حتى يومنا هذا، ولابد أن يعرف كل مؤمن أن صليب الرب ليس خزياً وعاراً بل هو مفخرة لنا، لذلك تشكل إشارة الصليب العلامة الخارجية لجميع أسرار الكنيسة المقدسة دون استثناء ولا نعني بذلك أن لهذه الإشارة قوة سحرية، بل أن فيها تكمن قوة الأفعال الإلهية المحيية،وهذه القوة لا تنبع من الإشارة بذاتها بل من علاقة هذا الإشارة بشخص الرب يسوع.
فالصليب هو علامة الخلاص لأبناء الله، وعلامة ابن الإنسان، لذلك تؤكد الرؤيا أن الذين يحملون علامة الله "أي الصليب" سيخلصون في الأزمنة الآتية، فإشارة الصليب ليست هي عادة متأخرة لدى المسيحيين، ولكنها تعود إلى التقليد الرسولي في العهد الجديد.
تدل إشارة الصليب على الحياة الجديدة لكل إنسان ولد من جديد في المسيح يسوع، وبها نختم أعضاء أجسادنا الرئيسية ونكرسها لله، لكي يجعلها أعضاء المسيح والثالوث القدوس، ونختم أيضاً أذهاننا وقلوبنا معبرين عن تكريس ذواتنا لله بقولنا مع رسم الإشارة : "باسم الآب والابن والروح القدس" آمين.
وهكذا ندرك لماذا يكون الصليب سلاحاً كاملاً للمسيحي، فهو سلاح المسيحي الذي يرهب الشياطين ويخيفها، ولذا يرسم إشارة الصليب في كل مكان، عندما يصلي، أو ينام، أو يستيقظ، أو يعمل، أو يأكل....وفي كل مناسبة مهما كانت، وهو ليس أداة سحرية في تصرف الإنسان بل يتطلب بالضرورة مساهمة داخلية من المؤمن نفسه، لذلك يجب أن نرسم إشارة على أجسادنا بصدق تام وفقاَ لنظام كنيستنا وذلك بضم أصابعنا الثلاثة كأننا نرفع الصليب نفسه على أجسادنا.
والاهم من ذلك هو أن لا نستحي من رسم إشارة الصليب أينما كنا، ولنتذكر قول الرب يسوع: "إن من يستحي بي أمام الناس، استحي به أمام أبي الذي في السماوات"
لابد أن يرافق هذه الإشارة إيمان مطلق بالثالوث القدوس، وبحقيقة تجسد المسيح وموته على الصليب وقيامته من بين الأموات، أي إيمان بكل عقائد كنيستنا المقدسة، التي نعلنها برسم إشارة الصليب، إضافة إلى الرجاء المطلق بمحبة الله غير الموصوفة والمحدودة، ورحمته الكبيرة، وعزم لا يتزعزع على أن نصلب ذواتنا الخاطئة وأهواءنا لكي يسعنا أن نقبل نعمة الله، ونحيا ضميرياً حياة التجدد والتحول الداخليين .
معاني الإشارة:
عندما نرسم إشارة الصليب على صدورنا، فإننا نضم الأصابع الثلاث (الإبهام والسبابة والوسطى) من يدنا إلى بعضها البعض، والتي تدل على ا لأقانيم الثلاثة الآب والابن والروح القدس متحدين بإله واحد، أما الإصبعين الآخرين فإننا نطبقهما على راحة الكف، ويدلان على طبيعتي المسيح الإلهية والإنسانية اللتين انبثقتا من رحم مريم العذراء الكلية القداسة، والتي تمثله راحة الكف.