أيتها الأرثوذكسية..تعصفُ بكِ أهوجُ العواصف..وتحاربكِ اشرسُ القوات المظلمة لاقتلاعكِ من العالم..وانتزاعكِ من قلوب الناس..ارادوكِ أملاً مفقوداً..ومتحفاً مهجوراً..وماضياً مأساوياً..وتاريخاً منسياً..لكن الله القدير الكلي الحكمة يسيطر على هذه الفوضى ويحميكِ منها وردة مفتحة تفوح بعطرها ارجاء المسكونة..ويحافظ عليكِ في قلوب البسطاء..وها انتِ كما أنتِ حيَّة قوية تغذين الاجيال وتفلحين كل بقعة جرداء..وتزرعين الأمل في نفوس الضعفاء..وتباركين الحاقدين والأعداء..وتوزعين قوة وحياة ونوراً..وتفتحين للناس ابواب الابدية..قوية عتيدة ايتها الارثوذكسية  
الصفحة الرئيسية > معلومات > إنجيلية ودينية
النــور المقــدس

هلمــوا خــذوا نــوراً مــن النــور الذي لا يغــرب...ومجــدوا المسيــح الناهــض من بيــن الأمــوات

هذه الأعجوبة التي تبهج و تقوي أرواح المسيحيين، تحدث في كنيسة القيامة المقدسة في مدينة القدس. تحدث كل سنة في عيد الفصح الشرقي الأرثوذكسي، أي في الربيع بعد الفصح اليهودي، فالفصح الأرثوذكسي يختلف عن الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية، اعتماداً على حساب مختلف.

أعجوبة انبثاق النور المقدس من القبر المقدس تحدث سنوياً في نفس الوقت والمكان منذ قيامة المسيح من بين الأموات، في كنيسة القيامة وهي أقدس مكان في العالم كله، حيث صُلب المسيح ومات بالجسد ودفن و قام من القبر المقدس في اليوم الثالث ساحقاً قوة الجحيم.

ففي الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم السبت العظيم المعروف بسبت النور ينبثق نور الرب يسوع الحقيقي من قبره المقدس في كنيسة القيامة في مدينة القدس ويتنور به كل مؤمن موجود داخل الكنيسة، وفي الثلاثة والثلاثين الدقيقة الأولى لانبثاقه يأخذ النور مواصفاته الأساسية ويبدأ المؤمنون بتنوير أنفسهم وأجسادهما دون أن يحرقهم، كما يظهر ذلك في الصورة،وبعدها يأخذ مواصفات النار.

في الساعة العاشرة من صباح يوم السبت العظيم يقوم بعض الرسميون والمسؤولون من حراس القبر بتفتيش القبر جيداً والتأكد من خلوه وسلامته من أية مادة قابلة للاشتعال، ثم يختمونه بقطعة كبيرة من الشمع والعسل، ويضع كل مسؤول ختمه عليه أمام مرأى جميع الحاضرين، وفي الساعة الرابعة من بعد الظهر يبدأ الاحتفال بتطواف البطريرك والأساقفة والكهنة والشمامسة حول القبر ثلاثة مرات يتقدمهم حملة الرايات والشموع والصلبان، ثم يتقدم البطريرك نحو القبر المقدس حيث الرسميون في انتظاره، فينزع البطريرك ملابسه الأسقفية إلا قميصه الأبيض(الاستخارة)، ويحمل معه رزمتين من الشمع تدعى "الفِنْد" كل واحدة منها تحوي على/33/شمعة غير مضاءة، فيقوم بتفتيشه كل من حاكم القدس ومدير شرطتها ليتأكدا من عدم وجود أية مادة قابلة للاشتعال معه قد يستخدمها لإشعال الشموع، فينزعون الختم عن باب القبر فيدخله البطريرك لوحده فقط، فيركع عند القبر ويتلو الصلوات والتضرعات ليرسل الرب يسوع نوره المقدس ليقدس المؤمنين، وبينما هو يصلي يتدفق النور من القبر المقدس ويشعل كل قناديل الزيت أولاً والمطفأة قبل يوم من الاحتفال بصورة عجائبية، كما يشعل الشموع في يدي البطريرك فيخرج بها من القبر ليضيء شموع المؤمنين.

يقول البطريرك ثيوذوروس للروم الأرثوذكس:

"إنني أركع أمام الحجر الذي وضع عليه جسد المسيح الطاهر بتقوى، وأواصل الصلاة بخوف وخشوع، و هي صلاة كانت وما تزال تتلى، وعندها تحدث أعجوبة انبثاق النور المقدس ( النار المقدسة) من داخل الحجر المقدس الذي وضع عليه جسد المسيح الطاهر.

ويكون هذا النور المقدس ذو لون ازرق ومن ثم يتغير إلى عدة ألوان، وهذا لا يمكن تفسيره في حدود العلم البشري، لأن انبثاقه يكون مثل خروج الغيم من البحيرة، و يظهر كأنه غيمة رطبة ولكنه نور مقدس.

ظهور النور المقدس يكون سنويا بأشكال مختلفة، فإنه مراراً يملأ الغرفة التي يقع فيها قبر المسيح المقدس. وأهم صفات النور المقدس انه لا يحرق، وقد استلمت هذا النور المقدس ستة عشرة سنة ولم تحرق لحيتي. ويظهر كعمود منير، ومنه تضاء الشموع التي احملها، ومن ثم اخرج وأعطي النور المقدس لبطريرك الأرمن والأقباط وجميع الحاضرين".

والنور المقدس يضيء بعض شموع المؤمنين الأتقياء بنفسه، ويضيء أيضاً القناديل العالية المطفأة أمام جميع الحاضرين، ويطير كالحمامة إلى كافة أرجاء الكنيسة، ويدخل الكنائس الصغيرة مضيئا لها كل القناديل.

وفي عام 1994 انطلقت كرة من النور المقدس من داخل القبر قبل خروج البطريرك وأضاءت شموع بعض المؤمنين الأتقياء، وقنديل إحدى الإيقونات المعلقة في الكنيسة، واستقرب قرب احد الأعمدة.

صفات النور المقدس:
أ )
لا يحرق أي جزء من الجسم إذا وقع عليه، وهذا برهان على ألوهية المصدر، وله صفات فوق الطبيعة.
ب)
ينبثق بتضرعات البطريرك الأرثوذكسي وتضرعاته.
ج)
يضيء شموع بعض المؤمنين بنفسه، و ينتقل من جهة إلى أخرى ليضيء القناديل في الكنيسة المقدسة ويقول الكثيرون أنهم قد غيَّروا حياتهم وأصلحوا معاملاتهم مع الآخرين وامتلئوا من التقوى والإيمان بعد حضورهم هذه العجيبة المقدسة.

متى ظهر أول وصف لهذه العجيبة؟..

أول كتابة عن انبثاق النور المقدس في كنيسة القيامة ظهرت في أوائل القرن الرابع، والمؤلفون يذكرون عن حوادث انبثاق النور في أوائل القرن الميلادي الأول، نجد هذا في مؤلفات القديس يوحنا الدمشقي والقديس غريغوريوس النيصي. ويرويان:

 "كيف أن الرسول بطرس رأى النور المقدس ينبثق من قبر المسيح حيث بنيت كنيسة القيامة، وذلك بعد قيامة المسيح بسنة أي سنة 34 ميلادي".

ورئيس دير روسي يدعى دنيال يروي في مذكراته التي كتبت ما بين سنة 1106_ 1107عن وصف دقيق لهذه العجيبة، الذي شاهده أثناء وجوده في القدس، ويصف ذلك قائلاً:

"إن البطريرك الأرثوذكسي يدخل إلى الكنيسة حاملاً شمعتين، فيركع أمام الحجر الذي وُضع عليه جسد المسيح المقدس، ثم يبدأ بالصلاة بكل تقوى وحرارة فينبثق النور المقدس من داخل الحجر بطيف ازرق اللون ويضيء شمعتي البطريرك، ومن ثم يضيء القناديل وشموع المؤمنين، ويرافق هذه الأعجوبة التي تحدث سنوياً احتفالات ليتورجية قديمة ترجع إلى القرن الرابع".

أما الطوائف الأخرى غير الأرثوذكسية فقد حاولت أن ينبثق النور المقدس في أعيادها على أيدي بطاركتها، و لكن دون فائدة على الإطلاق، وهنا بعض المحاولات المعروفة تاريخياً:

1)
ففي القرن الثاني عشر قام كهنة من الكنيسة الرومانية اللاتينية بطرد البطريرك الأرثوذكسي، والصلاة من اجل انبثاق النور المقدس، ولكن لم ينبثق النور على أيديهم، لأن الله قد عاقبهم على فعلتهم الشنيعة بأخيهم البطريرك الأرثوذكسي.
2)
والأعجوبة الثانية حدثت سنة 1549 مع الأرمن، عندما قاموا بدفع مبلغ كبير من المال للأتراك ليوافقوا على دخول بطريركهم إلى القبر المقدس لينبثق النور بوجوده، فطرد الأتراك البطريرك الأرثوذكسي خارج الكنيسة مع رعيته، فوقف حزيناً عند باب الكنيسة قرب أحد العواميد، فانشق العامود من وسطه وانبثق منه النور المقدس، فأشعل البطريرك شماعاته منه ووزعها على أبناء رعيته، ولم يحرمهم الله من نعمة وبركة انبثاق النور، وما زال العامود باق حتى يومنا هذا شاهد عيان للعالم كله..

فرأى ذلك مؤذن جامع كان قريباً من المكان، فأعلن إيمانه بالمسيح وتبع الدين المسيحي، كما كان هناك أيضاً جندي تركي شاهد هذه الأعجوبة إذ كان واقفاً فوق سطح منزل بالقرب من بوابة كنيسة القيامة، فصرخ بأعلى صوته:

"إن المسيح هو الله"، ورمى نفسه من علو 10 أمتار، ولم يلحقه أي ضرر بل طبعت آثار أقدامه على الحجارة التي سقط عليها والتي تحولت بقدرة الله كالشمع طرية تحت قدميه، وأصبحت شاهدة عيان على صحة هذه الأعجوبة على الرغم من محاولة الأتراك طمسها ولم يستطيعوا، فقاموا بقتل الجندي وحرقه بكل وحشية بالقرب من بوابة كنيسة القيامة في القدس فنال إكليل الشهادة من الرب يسوع، فجمع اليونانيون عظامه ووضعوها في دير بناجيا، وبقيت عظامه حتى القرن التاسع عشر الميلادي تنشر الرائحة الذكية العطرية.

هذه الحادثة جرت في عهد السلطان مراد الخامس، وفي عهد البطريرك صفرونيوس الخامس، وما زال العمود المفلوق شاهد على هذه الأعجوبة إلى يومنا هذا، ويقوم الزوار الأرثوذكس بتقبيل هذا العمود عند دخولهم كنيسة القيامة المقدسة للتبرك منه، والمسلمون الذين ينكرون صلب المسيح و قيامته، قد وضعوا عراقيل كثيرة في طريق هذه المعجزة، فالمؤرخ البيروني المعروف عند المسلمين قال:

"أن حاكماً مسلماً قد دس فتيلاً مصنوعة من النحاس بدل الفتيل التي تشتعل من النور وذلك لإحباط حدوث المعجزة والاستهزاء بها، إلا أن الرب الذي أراد أن يظهر حقيقة أعجوبته ويفضح عمل الحاكم الشرير فقد جعل النور المقدس ينبثق ويضيء القتيل المصنوع من أسلاك النحاس تمجيداً للثالوث القدوس".

صلاح الدين الأيوبي والنور المقدس:

المؤرخ انجليزي "جوتير فينوسيف" قد وصف ما حدث سنة 1187. حيث أحب السلطان صلاح الدين الأيوبي أن يحضر هذا الاحتفال الديني (انبثاق النور المقدس) ويتحقق من صحة ذلك، فنزل النور المقدس من الأعلى بشكل مفاجئ.

إلا أن مساعدي صلاح الدين قالوا بأن ا لنور المقدس نزل بواسطة بطريقة اصطناعية، فأطفأ صلاح الدين القنديل المشتعل ولكنه عاد وأضاء ثانية من تلقاء نفسه، فأعاد صلاح الدين الكرّة بإطفاء القنديل مرة أخرى، ولكنه عاد وأضاء أيضاً، وعندها صرخ قائلا:

"نعم، سأموت قريباً أو سأخسر القدس".

لما ذا هذه الأعجوبة غير معروفة في البلاد الأوروبية؟..

البروتستانت لا يؤمنون بالأعاجيب، أما الكنيسة الكاثوليكية فتؤمن بحسب تقليدها بالأعاجيب، ولكن هذه الأعجوبة غير معترف بها لديهم لأن هناك سياسة كنسية خاصة لطمس الحقيقة عنها لأنها ليست تحت سلطانهم، ولذلك فإن الاحتفال يجري سنوياً وبدون مشاركة كاثوليكية رسمية.

صحة هذه الأعجوبة:

كثير من الناس يدّعون أن هذه الأعجوبة هي خدعة يستعملها الأرثوذكس للدعاية لهم، ويعتقدون أن البطريرك يقتني أداة للإضاءة داخل القبر المقدس، ولكن تفتيش السلطات الحاكمة (غير المسيحية) للبطريرك والقبر معاً قبل حدوث الأعجوبة بلحظات، وختم القبر بالشمع من قبلهم وقبل مندوبي جميع الطوائف والجهات الرسمية قد اثبت دحض وزيف ادعاءاتهم، ونحن نؤمن بهذه الأعجوبة المقدسة إيماناً مطلقاً التي بواسطتها يقوي إلهنا وربنا "يسوع المسيح له المجد" إيمان المؤمنين به وبقيامته ويظهر حقيقة كونه إلهاً حقيقياً إلى الأبد.

قام بالترجمة:

إبراهيم جورج طنوس، وبيرتا جريس بطرس، التي كانت شاهدة عيان لهذه الأعجوبة فوصفتها قائلة:

"عندما كنت معلمة في مدرسة العيزرية في القدس(المدرسة الروسية الأرثوذكسية)، اصطحبني الأرشمندريت ثيوذوسي إذ كان رئيساً للدير اليوناني الأرثوذكسي في العيزرية (مدينة قريبة من القدس)، وعندما وصلنا إلى كنيسة القيامة حيث القبر المقدس وقفنا، وانتظرنا حتى بدأ الاحتفال، وبعدها رأيت بعيني انبثاق النور المقدس من ثقوب الجدران المحيطة، حيث وضع جسد المسيح، وأيضاً شاهدت شموع المؤمنين المنتظرين تضيء من تلقاء نفسها، ولن أنسى طيلة عمري هذا المشهد المهيب وهذه الأعجوبة الإلهية، و كم كانت فرحتي عظيمة لهذا المنظر العجيب".  

 

 

                                       

 

الصفحة الرئيسية  |  الكنيسة  |  آبائيات  |  دينيات  |  مقالات  |  نشاطات  |  معلومات  |  أماكن مقدسة  |  خريطة الموقع  |  أتصل بنا
© 2006-2009 الأب الكسندروس اسد. جميع الحقوق محفوظة - تصميم وتطوير اسد للتصميم