أيتها الأرثوذكسية..تعصفُ بكِ أهوجُ العواصف..وتحاربكِ اشرسُ القوات المظلمة لاقتلاعكِ من العالم..وانتزاعكِ من قلوب الناس..ارادوكِ أملاً مفقوداً..ومتحفاً مهجوراً..وماضياً مأساوياً..وتاريخاً منسياً..لكن الله القدير الكلي الحكمة يسيطر على هذه الفوضى ويحميكِ منها وردة مفتحة تفوح بعطرها ارجاء المسكونة..ويحافظ عليكِ في قلوب البسطاء..وها انتِ كما أنتِ حيَّة قوية تغذين الاجيال وتفلحين كل بقعة جرداء..وتزرعين الأمل في نفوس الضعفاء..وتباركين الحاقدين والأعداء..وتوزعين قوة وحياة ونوراً..وتفتحين للناس ابواب الابدية..قوية عتيدة ايتها الارثوذكسية  
الصفحة الرئيسية > معلومات > إنجيلية ودينية
الصدوقيون

يشير هذا الاسم إلى الحرب الكهنوتي الأرستقراطي في أواخر أيام الهيكل الثاني (الذي بناه العائدون من سبي بابل). وقد ظهر هذا الحزب بعد ثورة المكابيين ، في أثناء محاولة الأسمونيين الاستقلال عن سورية. وكان الصدوقيون الحزب المعارض للفريسيين، رغم أن كثيرين من الفريسيين كانوا أعضاء في السنهدريم الذي كان يسيطر عليه الصدوقيون الأرستقراطيون.

1-           الاسم:

أ - جاء في كتابات أحد المعلمين اليهود (الرابي ناثان- حوإلي1000م) أنهم أخذوا اسمهم عن "صادوق" أحد تلاميذ أنتيجونوس من سوكوه. ويظن أن"صادوق" أساء فهم تعليم أستاذة فأنكر القيامة وحياة الدهر الآتي، وهكذا أسس الحزب على أساس هذه الآراء.

ب - يذكر إبيفانيوس (Epiphanius) في كتابه عن الهرطقات ، أن اسم الصدوقيين مشتق من الكلمة العبرية "صديق" (أي "بار")، ولكن يعترض البعض على هذا ، لاستبدال حرف "الياء" في "صديق" بحرف "إلي" في "صدوقيين".

جـ - أما أكثر الآراء قبولاً الآن، فهو أن الاسم مشتق من اسم "صادوق" الكاهن الذي عاش في أيام الملك داود، ثم عينه سليمان رئيساً للكهنة (1 مل 2: 35). وظلت ذريته تتولى رئاسة الكهنوت قرونا عديدة . ثم أصبحت الكلمة "صدوقيون" تطلق على كل من يناصر أولاد "صادوق" الذين كونوا حزب "الصدوقيين" الذي ظهر في عصر الأسمونيين (يمكن الرجوع إلى مادة "الأسمونيين" في موضعها من المجلد الأول من "دائرة المعارف الكتابية")

2-           تاريخهم :

إن كل ما نعرفه عن الصدوقيين ، إنما نستمده من كتابات بوسيفوس عنهم ، علاوة على ما جاء عنهم في العهد الجديد والمشنا اليهودية. الذي إشارة إليهم في كتابات بوسيفوس، تعود إلى فترة يوناثان المكابي، الذي تولى قيادة الأمة بعد أخيه يهوذا. وكل ما يقوله يوسيفوس ، هو أنه في ذلك الوقت كانت توجد "ثلاث مدارس فكرية" (هي : الفريسيون، والصدوقيون، والأسينيون). ويذكر بعض اللمحات عن كل مدرسة من هذه المدارس، ولكنه لا يذكر شيئاً عن منشأها . والأرجح أن الصدوقيين نشأوا من الطبقة الأرستقراطية التي كانت تشكل غالبية أعضاء السنهدريم الذي نشأ قبيل ثورة المكابيين واستمر طيلة حقبة الأسمونيين. ثم يذكر يوسيفوس كيف أن رئيس الكهنة يوحنا هركانس (135- 104 ق.م). نقل ولاءه من الفريسيين إلى الصدوقيين، وكان هذا بداية ارتباط الصدوقيين برئاسة الكهنوت، الذي استمر إلى زمن العهد الجديد. ونشأ تحالف طبيعي- على أسس سياسية- بين الصدوقيين الأرستقراطيين وأمراء الأسمونيين. ولكن هذه المكانة البارزة التي حظي بها الصدوقيون، اهتزت على يد سالومي الكسندرة التي خلفت زوجها بانيوس في الحكم (76 ق.م)، وعملت بنصيحة زوجها، فمنحت الفريسيين – الذين كانت تؤيدهم غالبية الشعب – سلطات كبيرة. وعندما ماتت ألكسندرة (67 ق.م)، تنازع أبناؤها على خلافتها، واستطاع أرستوبولس الثاني– بتأييد من الصدوقيين- أن ينتصر على منافسة هركانس الثاني الذي كان يؤيده الفريسيون. ولكن هركانس – بتحريض من أنتيباتر- واصل الصراع من أجل التاج، إلى أن غزا بومباي- القائد الروماني – أورشليم (63 ق.م) وعين هركانس الثاني رئيساً للكهنة مكافأة له على مساعدته له. وفي 40ق .م. ساند الصدوقيون أنتيجونوس بن أرستوبولس الثاني، الذي نجح في انتزاع رئاسة الكهنوت من هركانس الثاني. وعندما استولى هيرودس على أورشليم – بعد ذلك بثلاث سنوات – أنتقم من أنصار أنتيجونوس، وكان بينهم عدد كبير من الصدوقيين. وهكذا ضعفت سطوة الصدوقيين كثيراً. كما قلل هيرودس من نفوذ السنهدريم ونفوذ رئاسة الكهنوت، فلم تصبح وراثية، بل بناء على اختياره (ويقول يوسيفوس : أنه في خلال 107 سنوات، من زمن هيرودس إلى سقوط أورشليم، قام ما لا يقل عن 28 رئيساً للكهنة).

وعندما أصبحت إليهودية ولاية رومانية في 6م، أصبح للسهندريم وللصدوقيين – بناء على ذلك – ولرئيس الكهنة سلطات أكبر في حكم البلاد، ولكن تحت رقابة الوالي الروماني ومن ذلك التاريخ ، كان رؤساء الكهنة من الصدوقيين الأرستقراطيين، وكذلك كانت غالبية أعضاء السنهدريم (انظر أع 4: 1، 5: 7). ومع ذلك كان للفريسيين صوت مسموع في السنهدريم رغم أنهم كانوا أقلية، وذلك لاتساع نفوذهم عند الشعب.

وبسقوط أورشليم في 70ق . وتدمير الهيكل، اختفي الصدوقيون من التاريخ، فقد كان وجودهم مرتبطا بمركزهم الكهنوتي ونفوذهم السياسي وعندما زال كل هذا لم يعد لهم – على العكس من الفريسيين – مكان على مسرح التاريخ.

3-           معتقداتهم :

من العجب أن الصدوقيين كانوا يعتبرون محافظين لتمسكهم بالتعاليم القديمة، وتقديرهم العميق لنظام الذبائح في الهيكل. وكانت نقطة اختلافهم مع الفريسيين تدور حول فهم الشريعة. فكلا الفريقين كانا يعترفان بسمو التوراة، ولكن الصدوقيين تمسكوا بالشرعية المكتوبة فقط، بينما كان الفريسيون يضعون التقاليد – التي تجمعت على المدى الطويل- في مستوى واحد مع الشريعة. كان الصدوقيون لا يقبلون إلي ما يمكن تأييده مباشرة بالشريعة المكتوبة. لقد كان الفريسيون يريدون إحاطة الناموس بسياج حصين لمساعدة الناس في جميع جوانب حياتهم اليومية، بينما كان الصدوقيون يرون في ذلك إضعافاً للتقوى الحقيقية.

وليس من سبيل للتحليل الموضوعي للصدوقيين، حيث أن كل ما نعلمه عنهم نستمده من كتابات معارضيهم، لذلك يجب أن نكون حذرين في استعراض المعتقدات المنسوبة للصدوقيين، حيث أنه لم يكتشف – حتى اليوم – شيء من كتاباتهم هم أنفسهم:

أ - فيما يتعلق بشريعة "نفس بنفس وعين بعين …." (خر 21: 23و 24- تث 19: 21)، كان الصدوقيون يصرون على التنفيذ الحرفي لها، بينما كان الفريسيون أكثر تساهلاً في تقدير العقوبة بحسب جسامة الجريمة. وفي حالة شهادة الزور، لم يكن الصدوقيون يطالبون بإعدام الشاهد، إلي متي كانت شهادته هي المسئولة عن الحكم بإعدام المتهم، وأن يتم إعدام الشاهد بعد أن يكون قد تم إعدام المتهم ظلماً. بينما كان الفريسيون يطالبون بإعدام شاهد الزور حالما يصدر الحكم بإعدام المتهم، ففي هذه الحالة كان الفريسيون اشد تزمتا من الصدوقيين. كما كان الصدوقيون يعتبرون أن صاحب الثور أو الحمار (خر 21: 32و 35) غير مسئول فقط عن التعويض عن الضرر الذي حدث ، بل أيضاً عن التعويض عن العبد الذي أحدث ضرراً بأى شخص آخر، بينما كان الفريسيون يقولون أن العبد نفسه يتساوى في المسئولية، وذلك لمنع العبد الساخط على سيده، من توريط سيده في قضايا لا يد له فيها.

ب - وفي حقوق الميراث ، كانت الشريعة اليهودية تعطي للابن – وليس للابنة- الحق في ميراث ممتلكات الأب. وفي حالة موت الأب ، وموت الابن أيضاً دون أن يترك الابن سوى ابنة (أي حفيدة)، كان الفريسيون يرون أن الحفيدة هي وحدها التي لها حق الميراث دون ابنة الأب، بينما كان الصدوقيون يرون أن الابنة والحفيدة تتقاسمان الميراث.

جـ - وفي حالة زواج الأخ بزوجة أخيه المتوفي (تث 25: 5و 6)، كان للصدوقيين تفسير غريب بخصوص السؤال الذي سألوه للرب يسوع عن المرأة التي تزوجت سبعة إخوة على التوالي(مت 22: 23- 33، لو 20: 27- 38)، إذ كانا الصدوقيون يعتقدون أن هذا الزواج لا يتم إلا في حالة المرأة المخطوبة، وليس في حالة المرأة التي تزوجت فعلاً. وفي سؤالهم كانوا يعتقدون أن المرأة لم تتزوج فعلاً إلي الأخ السابع. أما الفريسيون فلم يكن عندهم هذا القيد. وكان الصدوقيين أرادوا أن يسخروا من الفريسيين الذين كانوا يعتقدون أن امرأة واحدة يمكن أن تتزوج سبعة أزواج وكذلك السخرية من عقيدة القيامة.

د- أما في أمور الطقوس ، فيبدو أن الاختلافات كانت صغيرة، فكان الاعتراض الرئيسي عند الصدوقيين هو على تفاصيل الشريعة غير المكتوبة، فلم يكونوا يعتبرونها ملزمة لهم، إلي أنهم كانوا- في بعض الحالات- يخضعون لقيود كثيرة، مثل الطهارة اللاوية. وكان ثمن التقدمات اليومية موضوع خلاف، فكان الفريسيون يُريدون أن تدفع التكاليف من الخزانة العامة، بينما كان الصدوقيون يريدون ان تُدفع من العطايا التطوعية. وكان الصدوقيون يسخرون من الفريسيين لاغتسالهم الدائم، بينما كانوا يدققون جداً  في موضوع الطهارة فيما يختص بتقدمة البقرة الحمراء (عدد 19).

هـ - النواحي التعليمية : حيث أن الصدوقيين كانوا يشددون على النواحي الإنسانية، فان فكرهم عن الله تأثر بذلك كثيراً فبينما كانوا يؤمنون بوجود الله، إلي أنه لا يتدخل مطلقاً في مسار التاريخ أو مصائر الناس، وعليه فلم يكونوا يؤمنون بسبق التعيين. فليس لله دخل في أفعال الناس، فالخير والشر ينحصران في دائرة إرادة الإنسان الحرة. أما الفريسيون فكانوا يعتقدون أن بعض الأفعال هي نتيجة العناية الإلهية، وبعضها الآخر نتيجة إرادة الإنسان الحرة.

وكان الصدوقيون لا يعتقدون أن للإنسان نفساً خالدة، لان النفس تموت بموت الجسد، وعليه فلم يكونوا يؤمنون بالدينونة  في المستقبل . كما كانوا ينكرون وجود الملائكة والأرواح (أع 23: 8) لان ذلك يدخل في دائرة الغيب. أما ذكر الملائكة في العهد القديم، فكانوا يعتبرونها ظهور إلهي في صور غير مادية.

وكان الصدوقيون لا يؤمنون بقيامة الأموات، بينما كان الفريسيون يؤمنون بذلك (مت 22: 33، أع 23: 8). وكان الفريسيون يعتقدون أنه يمكن استنتاج وجود قيامة من الشريعة والأنبياء وسائر الأسفار المقدسة، ولكن الصدوقيين لم يكونوا يرون ذلك إذ كانوا يصرون على أن المرجع الأسمى هو التوراة لا غير . وقد استشهد الرب يسوع في رده على الصدوقيين بأقوال رائعة من الشريعة (خر 3: 7، مت 22: 31 و32، مرقس 21: 26 و27، لو 20: 37)، ويرد تعليم القيامة والخلود في هذه الأقوال ضمناً وليس صراحة.

4-           الصدوقيون في العهد الجديد :

إنما جاء في العهد الجديد عن الصدوقيين لا يتناول الجوانب المختلفة لذلك الحزب، ولكنه يذكر القيامة كموضوع رئيسي (مت 22: 23-33، مرقس 12: 18- 27، لو 20: 27-38)، إذ كان الصدوقيون ينكرون القيامة. وكثيراً ما نرى الصدوقيين والفريسيين مجتمعين معا فيوحنا المعمدان يوجه للحزبين معاً عبارات شديدة (مت 3: 7- 1)

كما ان الرب يسوع وجه التوبيخ لهما معاً مراراً (مت 6:16 و11 و12، 21: 45)، كما جاءه الحزبان معاً أيضاً ليجربوه (مت 16: 6، انظر أيضاً مرقس 14: 53- 55، 15: 1).

وفي سفر أعمال الرسل، ألقوا الأيادي على الرسل (أع 4: 1و2، 5: 17و 18) وكان المؤمنون من اليهود – في الكنيسة الأولى – يشتركون مع الفريسيين في الكثير من الآراء وبخاصة في موضوع القيامة، الذي كان من اشد وجوه الاختلاف بينهم وبين الصدوقيين (أع 23: 6- 9). ويجب التنويه بأنه لم يكن كل الصدوقيين والفريسيين على  نفس الدرجة من العداء للمؤمنين من اليهود ، بل أن الكثيرين من الصدوقيين ومن الفريسيين آمنوا بالرب يسوع المسيح.

 

 

                                       

 

الصفحة الرئيسية  |  الكنيسة  |  آبائيات  |  دينيات  |  مقالات  |  نشاطات  |  معلومات  |  أماكن مقدسة  |  خريطة الموقع  |  أتصل بنا
© 2006-2009 الأب الكسندروس اسد. جميع الحقوق محفوظة - تصميم وتطوير اسد للتصميم