ظاهرة نشوء الشيع وتكاثرها ونموها في العديد من البلاد ليست ظاهرة جديدة، فهي معاصرة لنشأة المسيحية إذ أن مجموعات كثيرة قد تكونت في القرون الأولى للمسيحية على هامش الحياة الكنسية العامة، وكان لها نظامها ورؤيتها اللاهوتية وأحياناً العبادات والتصرفات الخاصة المخالفة لقوانين الكنيسة، ولا شك أن هذه الظاهرة هي ملازمة لتاريخ الكنيسة بحيث أن كل جيل من أجيال المسيحية كان يأتي ببعض الأشكال الدينية الهامشية التي تعبر عن حالات أصولية ومتطرفة لها جذورها في الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية.
وإننا نسلط الضوء على الشيع التي تدعي انتسابها إلى المسيحية، ولكنها ليست إلا جماعات مخربة ومدمرة للمسيحية تساق من قبل مجموعات صهيونية ومنظمات تخريبية باسم المسيحية، علماً أن هنالك شيعاً أخرى عديدة في أميركا خاصة تدعمها اليهودية والصهيونية العالمية، وفي أفريقيا وأوروبا، فضلاً عن تلك التي زالت على مر العصور، ومن هذه الشيع:
1- الكنائــس الكاثوليكيــة الصغيــرة:
وهي مجموعة من المنظمات الدينية التي تحرص على المحافظة على التسمية الكاثوليكية للتعبير عن تعلقها بتراث يعود الى ما قبل الاصلاح البروتستانتي، على رغم انفصالها عن الكنيسة الرومانية.
الكنيســة الصغيــرة:
كناية عن جماعة فرنسية عارضت الاتفاق الذي عُقد بين البابا والإمبراطور الفرنسي نابوليون، فاعتبرته مجحفاً بحق الكنيسة، وانشقت عنها بزعامة الكاهن تكسييه الذي مات في عام 1826.
إنهم مسيحيون يمتازون بالتقوى، ويتعلقون بتراث الكنيسة، ولا شيء يفصلهم عن الكنيسة الرومانية لأن الاتفاق المذكور انتهى مفعوله عام 1905، وقد دعتهم الكنيسة الأم إلى العودة إلى حظيرتها من دون شروط فعاد قسم قليل منهم وهم يمارسون طقوسهم من دون كاهن، بل في احتفال يترأسه احد القدامى.
حركــة الكثلكــة القديمــة:
أسسها الأسقف فاليه، وهو مبشر غاليكاني جاء إلى هولندا واتخذ مقراً له في اوترخت، وترفض حركته التعاليم الحديثة للمجامع الكنسية الرومانية، وتمارس الأسرار السبعة، وتعتبر أن لا شيء يفصلها عن الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، وتعرف في فرنسا بالكنيسة الكاثوليكية الفرنسية.
الكنيسة الكاثوليكية والرسولية في فرنسا:
أسسها الأسقف فاتوم وهو كاهن ينتسب إلى حركة الكثلكة العتيقة، وقبل أن يموت عام 1951 رسم عدة كهنة ورفع الكاهن بيرييه الى درجة الأسقفية.
الكنيسة الكاثوليكية الليبرالية:
إنها شيعة انشقت عن حركة الكثلكة العتيقة، وتأثرت بالتيوزوفية في عهد الاسقف ودغود، وتؤمن بالتقمص.
الكنيسة الكاثوليكية الرسولية الغاليكانية:
أسسها الكاهن لويس جيرو بعدما انفصل عن حركة الكثلكة العتيقة، وحصل خلاف داخل الشيعة فانضم قسم منها إلى الكاثوليكية الليبرالية، وقسم إلى الكنيسة الأرثوذكسية.
الكنيسة الكاثوليكية الارثوذكسية الغربية:
أسسها لويس فينارت وهو من مواليد عام 1880، ارتسم كاهناً كاثوليكياً في عام 1905، والتحق بالكنيسة الإنكليكانية، ثم عاد وانتسب إلى حركة الكثلكة العتيقة لكنه تخلى عنها وأسس مجموعة من أتباعه وعين نفسه اسقفاً عليها ثم التحق بالكنيسة الكاثوليكية الليبرالية وعاد وانفصل عنها ونحا منحى التيوزوفية.
عام 1936 اتجهت شيعته نحو الكنيسة الأرثوذكسية، وأخفقت في الانضمام إلى الكنيسة اليونانية ولكنها نجحت في الالتحاق بالكنيسة الروسية التي رسمت فينارت ارشمندريتاً عليها في 1937، وكان المؤسس يطمح إلى تأسيس كنيسة أرثوذكسية على الطراز الغربي.
2- رابطة توحيد المسيحية العالمية أو كنيسة التوحيد (مون):
هذه الرابطة أنشأها البروتستانتي الكوري سون ميونغ مون عام 1936، وهو من مواليد كوريا الجنوبية 1920 بعد أن اخذ يسمع "رنة صوت الله" ويرى طيف يسوع المسيح، كما كان يدعي، في أثناء احتفالات الفصح عام 1936 ومنذ ذلك الوقت اخذ يدعو باسم المسيح إلى توحيد الكنائس المسيحية، لا بل توحيد الديانات كلها في بوتقة واحدة، والى إرساء ملكوت الله على الأرض بعد معركة الفصل بين الخير والشر، مهمة مون الرئيسية هي القضاء على جذور الشر المتمثل بالشيوعية الإلحادية والدعوة في الوقت نفسه إلى إيجاد ينبوع الحياة والحب في الله، وهذا شرط أساسي لإعادة تكون الحياة الباطنية الروحية التي يفتقدها الإنسان المعاصر.
عقيدته تستند إلى تفسير مغلوط وغريب للكتاب المقدس، وخصوصاً لحياة يسوع ورسالته، فخطيئة آدم وحواء هي خطيئة جنسية، ويسوع الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال مساواته بالله الخالق، وفشل في رسالته التي أوفده الله من اجلها وهي تأسيس عائلة تكون نواة الأمة الجديدة "ملكوت الله"، لكن يسوع مات على الصليب قبل أن يستطيع تأسيس عائلته الطبيعية الروحية.
والمحترم مون هو "سيد المجيء الثاني" الذي سوف ينجح في تأسيس العائلة التي هي نواة الأمة الجديدة، العائلة المثالية الفضلى التي هي نموذج العائلات في الحاضر والمستقبل، لذلك نرى المحترم مون وزوجته الرابعة يقومان بتزويج الآلاف لا بل المئات من الآلاف في احتفالات ضخمة تؤمِّن لها الدعاية التلفزيونية والصحافية.
والولايات المتحدة الأميركية في عقيدة مون لها دورها الأساسي في تحقيق الرسالة المونية، إذ أن الله قد اختار هذه الأمة لتكون الأمة المقدسة التي تشن الحروب على قوى الشر والإلحاد.
تستخدم هذه الشيعة طرق الشيع الأخرى في تعزيز قدراتها وعدد أعضائها، ولكنها تعمد إلى "غسل دماغ" الشبان الذين ينضوون إليها بحيث يصبحون عبيداً لمشيئة "المحترم مون" وأوامره، وتمتلك هذه الشيعة الكثير من الشركات والأموال، انطلاقاً من المبدأ أن على العضو وضع كل إمكاناته وأمواله باسم الشيعة، وقد ارتبط اسم مون أخيرا بالعديد من الفضائح المالية التي حدثت في الولايات المتحدة وغيرها من الدول.
عدد أعضاء الشيعة لا يتجاوز المليون ونصف المليون نسمة، وتمتلك وسائل إعلام مختلفة من راديو وتلفزيون وصحف، من ابرز وسائل إعلامها: صحيفة "واشنطن تايمز" ومجلة "الرجاء الجديد".