شاغورة صيدنايا        

مقام القديسة تقلا

 العظيمة في الشهيدات

   معلولا بلدة قلمونية سورية تقع في الشمال الشرقي من  دمشق وتبعد عنها /56/ كم وهي محاطة بجبال القلمون التي تصلها بالسلسلة القلمونية التي قطعتها القديسة تقلا في اجتيازها .

 منازلها هي الوحيدة في سوريا التي تعطي نموذجاً غريباً في بنائها فهي مؤسسة على الصخر ومتصاعدة فوق بعضها البعض على شكل مدرج غريب تكاد تنعدم فيه الطرق سوى ممرات ضيقة يخيّل للناظر إليها كأنها خلايا النحل، وداخل تلك المنازل مغاور وكهوف يتحصن فيها السكان أيام الضيق والاضطهادات معتصمين بمواقعها الحصينة، ولا تزال السلالم الخشبية القديمة العالية شاهدة عيان عما مر فيها في تلك الأيام العصيبة .

أهالي معلولا يتميزون بلغتهم الخاصة عن غيرهم إذ يتكلمون اللغة الآرامية التي تكلم بها السيد المسيح وما زالت شائعة بينهم حتى يومنا هذا وهي لغتهم الأساسية .

 ودير القديسة تقلا في معلولا هو المقصود في هذه المنطقة من قبل جميع الأديان والطوائف على اختلاف معتقداتها، فهو الدير الأم الذي يحضن سائر الزائرين بخشوع وأصحاب النذور والحجاج ونقول " الحجاج " لأنه من الأمكنة المقدسة التي كان يقصدها المسيحيون والمسلمون قبل حجهم إلى القدس الشريف لزيارة القبر المقدس وجامع الأقصى الشريف.

في الدير وفي الجهة اليمنى منه يقبع قبر القديسة العظيمة في الشهيدات تقلا تلميذة القديس بولس الرسول في أنطاكية، وقد لجأت القديسة وهي شابة إلى هذه المنطقة من سوريا هرباً من مضطهديها وترعرعت فيها مبشراً بالرب يسوع إلهاً ومخلصاً، ومعمدة كل من آمن به وتبعه، فانتشر تبشيرها في أرجاء واسعة جداً من محيطها وخارج محيطها ووصل حتى اسبانيا، وشُيدت الأديار والكنائس حاملة اسمها الطاهر في كل أرجاء المعمورة، وظلت تبشر وتعمد إلى أن انتقلت إلى جوار خالقها ومخلصها الرب يسوع وهي في سن متقدمة، فدفن جثمانها الطاهر في مكان إقامتها، وأصبح المكان محجاً للزوار الذين يقصدونها من كل أرجاء العالم المسيحي والإسلامي والوثني، للشفاء والعون وهي لا ترد أحداً خائباً أن كان قاصدها بإيمان حقيقي.

المقام المقدس للقديسة تقلا زاخرٌ بالعجائب على مر العصور، وما زالت العجائب تتوالى فيه بكثرة لتقوية إيمان اللاجئين إليها والى الرب يسوع الذي قال بفمه المقدس الطاهر: أنا معكم حتى انقضاء الدهر.

من يقصد مقامها المقدس بإيمان حقيقي ويطلب منها العون أو الشفاء فإنه سيعود وهو مُلبى بالطلب حتماً لأنها سريعة الإجابة لمحبيها والمؤمنين من مختلف الأديان والمذاهب، وأرشيف الدير مليء بقصص العجائب لمختلف القاصدين من مختلف الأديان والمذاهب.

في المقام نبع ماء صاف رقراق، تجري منه المياه وتصب في حوض صغير، يشرب منه جميع القاصدين والزوار وهو ماء مقدس شاف من كل مرض وعلة، والعجيب في الأمر أن هذا الحوض الصغير الذي لا يتجاوز طوله وعرضه وعمقه النصف متر لا ينضب فيه الماء مهما شرب منه الزائرون واصطحبوا منه معهم، ولا يفيض منه الماء عن محيطه مهما طال زمن مصب الماء فيه، بل يبقى كما هو لا ينقص ولا يزيد.

وكذلك يوجد في المقام عامود من الحجر في أعلاه حوض صغير جداً يسقط فيه الماء من سقف المكان الصخري نقطة تلو نقطة صيفاً وشتاءً، ويقصدونه الزائرون للتبرك منه أيضاً ولا يزيد عن محيطه ولا ينقص عنه مهما شرب الزائرون منه، رغم صغر حجم الحوض الذي لا يتسع لأكثر من نصف ليتر من الماء.

هذه الأعاجيب الخارقة الطبيعة وهبنا بها الله لنتبارك بها ونبارك اسمه القدوس ونتمتع بعمه التي لا تعد ولا تحصى، فكل مَنْ آمن فقد خلص وكل مَنْ لا يؤمن فقد هلك.

 

 

حوض النبع

النبع الصغير