أؤمنُ بإلهٍ واحدٍ، آبٍ ضابطِ الكل خالقُ السماءِ والأرض، وكل ما يُرى وما لا يُرى وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح ابن اللهِ الوحيد، المولود من الآب قبلَ كلِ الدهور، نور من نور، إلهٍ حق من إلهٍ حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآبِ في الجوهر، الذي به كـان كـلُ شيء الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس، وصُلِبَ عنا على عهد بيلاطس البنطي، وتألم وقبر، وقام في اليوم الثالث على ما في الكتب، وصعدَ إلى السماء، وجلسَ عن يمين الآب، وأيضاً يأتي بمجدٍ ليدينَ الأحياءَ والأموات الذي لا فناءَ لمُلِكه، وبالروحِ القدس الربُ المحيي المنبثق من الآب الذي هو مع الآب والابن، مسجودُ له ومُمَجد الناطق بالأنبياء، وبكنيسةٍ واحدةٍ جامعةٍ مقدسةٍ رسولية وأعترفُ بمعموديةٍ واحدةٍ لمغفرةِ الخطايا وأترجى قيامةَ الموتى والحياة في الدهر الآتي آميـن
أولاً : ما هو دستور الإيمان؟..
كلمة دستور تأتي من الكلمة اللاتينية Credo ، والتي تعني أنا أومن. وفي الكنيسة الأرثوذكسية تسمى دستور الإيمان عادةً رمز الإيمان وتعني الموافقة والاعتراف بمضمون الدستور، الرجل دون إيمان يشبه الرجل الأعمى، فالإيمان يعطي الرجل نظرة روحية فيستطيع فهم جوهر ما يحيط به. مثل:
كيف ولماذا خُلق كل شيء؟..
ما هو هدف الحياة؟..
ما هو الصحيح وما هو الخاطئ؟..
وأخيراً لماذا يجاهد الإنسان بهذا المقدار في الحياة؟..
في الأزمنة السالفة استخدم رسل الكنيسة قواعد للإيمان كي يتذكروا هم والأجيال القادمة التعليم الأرثوذكسي الصحيح.
في الكنيسة القديمة تنوع في العقائد القصيرة ولكن في القرن الرابع ظهر تعليم خاطئ عن "الابن"، وآخر عن الروح القدس. ومن هنا نبعت الحاجة إلى إكمال صياغة العقائد بدقة متناهية وبشكل يوضح كامل تعليم الكنيسة الأرثوذكسية.
ثانياً: لمحة تاريخية :
دستور الإيمان أُقره المجمع المسكوني الأول نيقية 325م والمجمع المسكوني الثاني القسطنطينية 381م.
عقد المجمع المسكوني الأول كي يؤكد التعليم الحقيقي عن ابن الله، وينبذ التعليم الخاطئ لآريوس
وأما المجمع المسكوني الثاني فقد عقد كي يثبت التعليم الحقيقي عن الروح القدس وينبذ تعليم مكدونيوس الخاطئ ، فالدستور النيقاوي القسطنطيني وضع في هاتين المدينتين بأيدي الآباء القديسين الذين اجتمعوا فيهما، ذلك الدستور احتوى 30 بنداً ففي البند الأول نتحدث عن الله الآب
في البنود من 2-7 نتحدث عن الإبن
وفي البند الثامن نتحدث عن الروح القدس
وفي التاسع نتحدث عن الكنيسة
وفي العاشر نتحدث عن المعمودية
وفي الحادي عشر والثاني عشر نتحدث عن القيامة بعد الموت والحياة الأبدية.
ثالثاً : دستور الإيمان :
يبدأ دستورنا بقول أنا أؤمن وذلك لأن جوهر اقتناع الآباء القديسين لا يعتمد على الاستعمال الخارجي المجرب، بل على قبولنا عطايا الله، فبالحقيقة نحن لا يمكننا إثبات روحانية العالم بواسطة أي مختبر، فتلك الحقائق تنسب إلى النطاق الشخصي لخبرة الرهبان. إن نمو الشخص في الحياة الروحية يتطلب الكثير من الصلاة الشخصية والتفكير بالله، فبواسطة تطور روحانيته الداخلية يرى الراهب الحقائق أوضح من غيره. وفي الحقيقة أصبح موضوع الدستور موضوعاً شخصياً بالنسبة للرهبان ولغيرهم.
بماذا نؤمن نحن وفقاً لدستور إيماننا؟..
نحن نؤمن بأن: الله واحد كامل وهو روح تام, خالد, لا بداية له, جبّار, وهو موجود في كل مكان, يرى الجميع, ويعرف سلفاً كل ما حدث وما سيحدث. وهو مقياس العالم الآخر ولا يحتاج إلى شيء وهو علة وجود كل شيء .
نحن نؤمن بأن: الله واحد في جوهره وهو ثالوث في وحدانية ( الحقيقة أن الله ثالوث هو الآب والابن والروح القدس) الآب والإبن والروح القدس هو ثالوث واحد في الجوهر غير منقسم ولا منفصل.
الآب لم يولد ولم ينبثق عن أحد,
الإبن خالد وُلِدَ من الآب ,
والروح القدس خالد ومنبثق عن الآب.
نؤمن بأن كل أشخاص الثالوث القدوس متساوون في الكمال والقوة والعظمة.
ونحن نؤمن بأن الآب إله تام والابن إله تام والروح القدس إله تام
ولذلك في الصلوات, نعظم وبتوافق الآب والابن والروح القدس كإله واحد.
ونحن نؤمن بأن العالم المنظور وغير المنظور خلق بواسطة الله.
ففي البداية خلق الله العالم غير المنظور, عالم الملائكة ووضعهم في مكان من السماء هو الملكوت.
يذكر في بداية الكتاب المقدس (التوراة) أن الله خلق العالم المنظور من العدم، ولكن هذا لم يحصل دفعةً واحدة ولكن تدريجياً وخلال فترة من الزمن يسميها الكتاب أياماً .
الرب خلق العالم لا لضرورة ذلك أو لحاجته إليه، بل لرغبته الكاملة في حدوث ذلك، وبما أنه نفسه كلي الصلاح فكل ما صنعه صالح. فهو لم يصنع الشر فالشر ظهر في العالم نتيجة سوء استخدام الحرية الممنوحة من الله سواء للبشر أو الملائكة. فعلى سبيل المثال, الشيطان وملائكته الأشرار كانوا في وقت ما ملائكة عند الله، ولكنهم ثاروا ضد خالقهم وصاروا ملائكة الظلمة فطردوا من الفردوس وصارت لهم مملكتهم الخاصة والتي تدعى بالجحيم ومن تلك اللحظة، صارت الشياطين تغري البشر للوقوع في الإثم، فهم أعداؤنا وأعداء خلاصنا بالمسيح يسوع.
ونحن نؤمن أن الله هو الناظم والموجه لكل الأحداث والمجريات التي تمت وتتم وستتم في الكون بأجمعه. وكذلك يوجه كل ما خلقه للوصول إلى غايته من خلقها. فالله يحبنا ويعتني بنا كالأم التي تعتني بمولودها، وبالتالي فالشخص المتكل على الله لا يخاف شيئاً.
ونحن نعتقد بأن ابن الله، يسوع المسيح الناصري نزل من السماء لخلاصنا، فهو أتى إلى الأرض واتخذ جسداً له كجسدنا من الروح القدس ومن مريم العذراء. والله الخالد قد أتى إلينا واتخذ طبيعتنا البشرية أيام هيرودس الملك. وأخذها روحاً وجسداً فهو الإله و هو الإنسان، فكلاهما معاً في شخص واحد جمع بين الصفتين الإلهية والبشرية، وستبقيان معه إلى الأزل دون تغيير ولا تغير أو تبديل في إحداها تجاه الأخرى.
نحن نؤمن بأن الرب يسوع المسيح في حياته على الأرض نوَّر العالم بتعاليمه, أمثاله وأعاجيبه. فهو قد علم الإنسان كيف يجب أن يكون إيمانهم وعلمهم كيفية حياتهم على الأرض كي يرثوا الحياة الأبدية. بصلواته من أجلهم وبطاعته لمشيئة أبيه الأزلي وتحمله العذاب والموت، وهزيمته للشيطان، وإنقاذه العالم من الخطيئة والموت، وبقيامته من بين الأموات وضع أساساً لقيامتنا. وصعد إلى السماء بعد قيامته بأربعين يوماً، وجلس عن يمين الآب في الملكوت وهو كان هناك وكائن وسيكون.
ونؤمن بأن الروح الكلي قدسه منبثق من الله الآب من بدء العالم. جنباً إلى جنب مع الله الآب وابنه يعطون الوجود لكل مخلوق و يعطونه الحياة. وهو مصدر الحياة الروحية المليئة بالنعمة, للملائكة كما للبشر. وهو مستحق للمجد والتكريم كالآب والابن. في العهد القديم ظهر على لسان الأنبياء، وفي العهد الجديد نراه كالحمامة في عماد المسيح وتجليه الإلهي، وكألسنٍ نارية يوم الخمسين (العنصرة)، وهو كان يوجه الرسل والتلاميذ، وهو موجود الآن في كنيسة السيد المسيح يرشد رعاتها ومؤمنيها بالحقيقة.
وفي إيماننا أن السيد المسيح أوجد الكنيسة على الأرض لتكون باب الخلاص لكل من يؤمن به. وهو أرسل الروح القدس يوم الخمسين، ومنذ ذلك الحين بقي الروح القدس في الكنيسة، فهو يشرف على الإتحاد المسيحي في الإيمان ويحفظها في نقاوة تعاليم الرب المخلص. هذا وإن نعمة الروح القدس تبقى في الكنيسة لتطهر التائبين من خطاياهم وتساعد المؤمنين وتقدسهم.
نحن نؤمن بأن الكنيسة واحدة, مقدسة, جامعة, ورسولية، وبأن كل المسيحيين أرثوذكسيون مع أنهم في كنائس محلية مختلفة إلا أنهم عائلة واحدة مع الملائكة في السماء. وتعتمد وحدانية الكنيسة على وحدانية الإيمان والعقيدة.
إن الكنيسة مقدسة لأن أبناءها المخلصين مقدسون بكلمة الرب وبالصلاة وبالطقوس الليتورجية.
إن الكنيسة تدعى جامعة لأن ما نؤمن به هو التعليم الصحيح المحفوظ في كل الكنائس الأرثوذكسية في كل زمان و مكان.
وتدعى بالرسولية لأنها تحفظ التقليد الرسولي وتحفظ السلسلة الرسولية المتعاقبة عبر السيامات الأسقفية. من ابتداء الكنيسة ينقل التعاقب من أسقف إلى أسقف في الشرطونية الأسقفية، والكنيسة ستبقى مكان خلاصنا من الآن وإلى الأزل.
نحن نؤمن أنه بالمعمودية المقدسة تمحى الخطايا والذنوب فالمؤمن الجديد يصير عضواً في الكنيسة.
ويصير بإمكانه لأجل خلاصه أن يمارس الأسرار الكنسية من توبة واعتراف ومناولة جسد الرب ودمه الإلهيين، والكهنوت وحتى الزواج.
ففي الخدمة الليتورجية للمعمودية يتلقى المعتمد نعمة من الروح الكلي قدسه،
وفي سر التوبة والاعتراف تمحى ذنوبه وتغفر له خطاياه،
وفي القداس الإلهي الذي هو تذكير لنا بالعشاء الأخير الرباني يأخذ المؤمن جسد المسيح ودمه المقدسين ذاتهما
وفي سر الزواج اتحاد متلازم بين رجل وامرأة
وفي سر الكهنوت تتم شرطونية الشمامسة والكهنة والأساقفة لخدمة الكنيسة ورعاياها
وفي سر مسحة الزيت المقدس ينال المؤمن شفاء النفس والجسد.
نؤمن بأن الرب له المجد سيأتي بمجد عظيم مصحوباً بملائكته القديسين ليدين العالم يوم القيامة. ووفقاً لما قاله فإن كل شخص يوم ذاك سيقوم من بين الأموات. ستصير معجزة فالأشخاص الذين رقدوا بالجسد ستعود أرواحهم إلى أجسادهم التي كانت لهم أثناء حياتهم الأرضية. وكما كان جسد السيد المسيح بعد قيامته روحانياً ودخل من الأبواب المغلقة، هكذا ستكون أجسادنا يوم القيامة. وسيحاكم الرب له المجد كل شخص وفقاً لما فعله أثناء حياته الأرضية، فهو إما صالح أو شرير. فالحكم سيصدر للمذنبين بالذهاب إلى العذاب الأبدي، وللتائبين بالحياة الأبدية، وستبدأ عند ذاك مملكة السيد له المجد التي ستمتد إلى اللانهاية.
مع كلمة آمين نحن نشهد على الحقيقة التي وردت في الدستور ونوافق عليها ونقر بها. ونعترف بكل قلبنا بأن هذه العقيدة صحيحة.
إن قراءة دستور الإيمان من قبل الموعوظين خلال خدمة العماد، أو في معمودية الأطفال يقرأ من قبل عرَّابيهم. ودستور الإيمان يقرأ خلال القداس الإلهي وفي كثير من الصلوات اليومية. تقوي قراءتنا للدستور إيماننا وهذا ليس لأن دستور الإيمان بيان رسمي مجمعي بل هو صلاة حقيقية وفاعلة، فعندما نقول أؤمن بإله واحد نجد روح الصلاة بين كل كلمات الدستور أيضاً. إن إيماننا بالله يقوى ويزداد بقراءتنا للدستور. لذلك من المهم للمسيحي الأرثوذكسي أن يقرأ الدستور يومياً أو على الأقل بانتظام.
أريوس هو كاهن من الإسكندرية اعتقد أن الإبن مخلوق من الآب ودحض في المجمع المسكوني الأول بمدافعة قوية من القديسين الموجودين آنذاك وهم القديس أثناسيوس الكبير (وكان شماساً) والقديس اسبيريدون العجائبي والقديس نيقولاوس العجائبي. (المترجم)
مكدونيوس هو كاهن رفض مصدر الروح القدس.
يقصد الكاتب صلاة يسوع المعروفة. (المترجم)
ويقول الرسول بطرس في رسالته إن ألف سنة في عيني الرب كيوم أمس الذي عبر فلذلك يمكن القول بأن بعض النظريات العلمية صحيح. من وجهة نظر مسيحية مرتكزة على الكتاب (المترجم)