" قبل أن تنذر، فكر بعناية بقدرتك على أن تؤديه " (ابن سيراخ 21:18)، إذ إن عدم الوفاء هو خطيئة أمام الله، ولنفرض أنك تسأل الإرشاد من أبيك الروحي لأنك نذرت ولم تستطع أن تفي، فهل باستطاعته أن يحلك من نذرك؟.. إذا كان نذرك مخالفاً لقانون الكنيسة وتقاليدها فإنه باطل. (القانون 28 و29 للقديس باسيليوس الكبير)، لا نستطيع أن نضع انسفنا فوق قوانين تقاليدنا الكنسية، واليكم بعض الأمثلة:
لنفرض انك نذرت بأن تتناول كل يوم، فهذا القرار ليس لك، ويخالف تقليد الكنيسة، وعليه فهو باطل لأنه يخضع لتمييز أبيك الروحي وليس لك.
· ولنفرض جدلاً، انك نذرت بأن تمتنع عن الزيت يوم الأحد، فهذا تمنعه الكنيسة، لأن كل يوم احد هو عيد قيامة الرب من بين الأموات ولا يجوز الامتناع فيه. (قوانين الرسل)
· وكذلك الحال إذا نذرت أم أن تعطي ابنها اسماً معيناً، وان تعمده في كنيسة معينة دون موافقة زوجها الذي هو رأس المرأة (أفسس 23:5)، فيكون نذرها هذا باطلاً.
· وإذا أقسمت امرأة على أن تمتنع عن العلاقة الجنسية مع زوجها من غير موافقته، فهذا القسم مخالف لقانون الكنيسة وباطل لأنه لا يحق لها الامتناع عن هذه العلاقة المقدسة.
النذور تُقدم لله، وتعتبر التقدمات إلى الله مقدسة (لاويين 5:52)، فإلى اليوم دير القديس نيقولاوس في أخائيا اليونانية، هو مقصد ومحطة زوار كثيرين من كل أنحاء اليونان الذين يحملون نذورهم من المواشي إلى القديس نيقولاوس، والغريب بالأمر أن هذه المواشي ما أن تقترب من الدير حتى تكمل الطريق وحدها وتقترب من أيقونة القديس وتركع أمامها احتراماً وإجلالاً، وكأنها تعلم وتدرك بأنها مقدمة إلى القديس التي وُعدت بها وملكاً له.
يقول الله: " فاخرج من شفتيك، واحفظ كما نذرت للرب إلهك كما تكلم فمك " (تثنية 23:23)، وبكلام آخر : يجب أن تعطي الرب ما وعدته به، أي كل ما كان نذرك أو تقدمتك دون أي نقصان أو بديل.
فقد نذر احد القرويين أن يقدم حصانه لدير العذراء مريم في اليونان لعلمه بحاجة الدير له، لكنه تراجع وتأسف على الحصان وقرر أن يقدم بديلاً عنه بمبلغ من المال يساوي قيمة حصانه، وفي يوم من الأيام سقط الحصان على الأرض ولم يستطع الرجل أن يقيمه، إلى أن تذكر نذره الذي أراد أن يبدله وأدرك أن حصانه لم يعد ملكاً له بعد أن نذره للدير وإنما هو ملك للدير، وأبدى ندمه على ذلك، فنهض الحصان فأخذه وقدمه إلى الدير سالماً معافى.
وفي احد الأيام نذر إنسان أن يعمد ابنه في كنيسة القديس جاورجيوس في مدينته الأم، وفي الوقت المحدد تراجع عن نذره لكثرة تكاليف السفر، وبحث عن كنيسة قريبة منه للقديس جاورجيوس، ولكنه ندم لقراره عندما قال له أبيه الروحي بأن يلتزم بنذره كما وعد تماماً.
إن الله يتوقع وفاء النذور بأسرع ما يمكن " فلا تؤخر وفاءه " (تثنية 23:23)، فإذا اجل الإنسان وفاء نذره بسبب الإهمال أو الكسل فيكون تصرفه هذا خلافاً لمشيئة الله، وبقدر ما يتأخر تتعاظم خطيئته.
إذا اقسم إنسان ضمن حدود القانون والتقليد الكنسي، ولم يستطع أن يحفظ نذره، فإن كان فعلاً لا يستطيع فإن أباه الروحي الذي يملك سلطان الحل والربط هو الوحيد الذي يستطيع أن يحله ويحرره منه، ويعطيه عملاً تكفيرياً عما صنع.
وكذلك على سبيل المثال، إذا إنسان فقير نذر أن يبني كنيسة من الذهب، وبالتأكيد لن يستطيع ذلك لأنه فقير لأن من أين له الذهب؟.. فالأب الروحي هو الوحيد القادر على حله وتحريره من نذره هذا بحسب روح الكتاب المقدس والكنيسة.
علينا أن ندرك تماماً بأن كل ما ننذر به يجب أن يُقدم مهما كان دون نقصان أو بديل، وان ندرك أيضاً أنه عندما ننذر بأن ننذر على قدر استطاعتنا لإيفائه تماماً دون أن تتملكنا العاطفة عندما ننذر، لئلا نقع فريسة في مخالب الشيطان، ونرتكب خطيئة عظيمة عند الله.