أيتها الأرثوذكسية..تعصفُ بكِ أهوجُ العواصف..وتحاربكِ اشرسُ القوات المظلمة لاقتلاعكِ من العالم..وانتزاعكِ من قلوب الناس..ارادوكِ أملاً مفقوداً..ومتحفاً مهجوراً..وماضياً مأساوياً..وتاريخاً منسياً..لكن الله القدير الكلي الحكمة يسيطر على هذه الفوضى ويحميكِ منها وردة مفتحة تفوح بعطرها ارجاء المسكونة..ويحافظ عليكِ في قلوب البسطاء..وها انتِ كما أنتِ حيَّة قوية تغذين الاجيال وتفلحين كل بقعة جرداء..وتزرعين الأمل في نفوس الضعفاء..وتباركين الحاقدين والأعداء..وتوزعين قوة وحياة ونوراً..وتفتحين للناس ابواب الابدية..قوية عتيدة ايتها الارثوذكسية  
الصفحة الرئيسية > دينيات > عامة
الصلاة في الأرثوذكسية

تعريــف الصــلاة:

هي رفع العقل والذهن إلى الله، أي أن أتقرب من المحبوب الذي تشتاق إليه نفسي. هي باختصار أن أعيش مع الله في حياتي وأن يكون هناك وقت أقترب فيه إليه، مناجياً إياه وطالباً منه الرحمة والرأفة في حياتي.  أعي والله شخص يلازمني في أفكاري وأقوالي وأفعالي. ليس من باب الشرائع والناموس، ولكن من باب أن الله أحبني ويحبني دائماً وأنا أشعر بوجوده جانبي وأقدم لله حياتي كلها في كل ظروفها. والشعب الذي يحب الله، فهو يصلي كمجموعة ولكن بصوت واحد وقلب واحد الكنيسة تعلّم الصلاة للناس، وتمهد لهم الطريق في صلوات جماعية رائعة الجمال، اختبرها آبائنا وأجدادنا منذ مئات السنين؛ ولازالت هذه الصلوات تقدّس حياتنا.

أنواع الصلوات عديدة ومختلفة في كنيستنا الأرثوذكسية، وهذا التنوع جاء به اختلاف الأهداف واختلاف أسباب الصلاة؛ فهناك الصلوات أو ما يُعرف بالدور اليومي، والخط العام للصلوات في السنة وهو ما يُعرف بالدور السنوي، وهناك أيضاً صلوات أخرى تدخل في نطاق حياتنا لتقدسها وتدعى صلوات تقديسية مثل: (الأسرار الكنسية، وصلوات المباركة، والتدشين، والتقديس).

1- الــدور اليومــي:

نقضي يوماً كاملاً في حياتنا ونحاول أثناءه التقدم بحياتنا نحو الله. لقد خلق الله الإنسان، ولكن الإنسان أخطأ وابتعد عن الله، وبعد ذلك تجسد الابن الوحيد، المسيح، لإنهاض الإنسان الساقط، ومات وقام من بين الأموات، ونحن بدورنا نسير وراء المسيح حتى نتقدس ونعود أبناء الله.

هذا الخط المرسوم في فكر الله بغاية إنقاذ الإنسان من الخطيئة، لكي يعود الإنسان الضال إلى الأحضان الأبوية، تعبّر عنه الكنيسة في الصلوات الإيقاعية اليومية أو ما يُعرف عنه بـ "الدور اليومي".

الصلوات في الدور اليومي هي سبع صلوات، كما يقول داود النبي: "سبع مرات سبّحتك على أحكام عدلك" (مز119: 164). وهذه الصلوات هي:

1-  صلاة نصف الليل: مبنية على قول الرب: "اسهروا إذا.لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت مساءً أم في نصف الليل أم صياح الديك ام صباحا" (مر 13: 35).  وأيضاً مثل العذارى الذين ينتظرن قدوم الختن (العريس) (متى25: 1-13). لذلك تصلي فيها الكنيسة: "ها هوذا الختن يأتي في نصف...". إن صلاة نصف الليل تشير بمعانيها إلى الجهاد النسكي، وهي صلاة من أجل جميع النائمين والمعذبين، والصلاة مع الملائكة الذين لا ينامون.

2-  صلاة السحر والساعة الأولى:  إنها ترمز إلى ساعة القيامة وإلى ظهور النور. وتنتهي عند بزوغ الفجر وفيها ذكر كثير للنور "المجد لك يا مظهر النور". وهناك إشارة واضحة إلى أن المسيح هو نور العالم وهو النور الحقيقي "أيها المسيح الضوء الحقيقي الذي ينير ويقدس كل العالم...".

3-  صلاة الساعة الثالثة: (حوالي الساعة التاسعة صباحاً) وتشير إلى انحدار الروح القدس على التلاميذ. ونطلب فيها الهام الروح القدس وتجديد قلوبنا: "يا رب يا من أرسلت روحك الكلي قدسه على رسلك في الساعة الثالثة، هذا لا تنزعه منّا أيها الصالح..).

4-  صلاة الساعة السادسة: (الساعة الثانية عشر ظهراً) ترمز إلى ساعة صلب المسيح واستسلام آدم للتجربة. فنصلي للحماية من خطر الشيطان ونطلب المعونة من الرب المعلق على الصليب.

5-  الساعة التاسعة: (الثالثة بعد الظهر) تشير إلى موت المسيح على الصليب وساعة طرد آدم من الفردوس، وفيها أعاد الله خلق العالم بموته المحيي. فنقدم له التمجيد طالبين خلع الإنسان العتيق ولبس الجديد.

6-  صلاة الغروب:  يبدأ بها يومنا الكنسي (الليتورجي) الذي يمتد بين الغروبين، وهي تمثل باختصار كل تدبير الخلاص (خلق العالم "باركي يا نفسي الرب.. مز 103" وسقوطه "يا رب إليك صرخت" وافتدائه وإعلان مجده "يا نوراً.."

7-  صلاة النوم: صلاة بدء الليل أو "بعد العشاء" وترمز على نزول المسيح إلى الجحيم. ونلتمس فيها غفران الخطايا والحماية من تجارب الليل.

2- الــدور الأسبوعــي:

أعطت الكنيسة لأيام الأسبوع تذكارات معينة، لنتمثّل بالمعاني التي تشير إليها تلك التذكارات. وهذه نذكرها لنتمثل بها وبالمعنى الذي تمثله. تشير إلى هذه التذكارات صلوات السحر والغروب

يوم الاثنين:   أول الخليقة الملائكة.

يوم الثلاثاء:  نطلب فيه شفاعة النبي يوحنا المعمدان آخر أنبياء العهد القديم، وأول المبشرين بالمسيح في العهد الجديد. وهو يمثل أيضاً انتظار المسيح المخلص.

يوم الأربعاء: يرمز إلى رفض العالم القديم، في شخص يهوذا، للمسيح. ذاك الذي تآمر يوم الأربعاء مع رؤساء الكهنة اليهود لتسليمه.

يوم الخميس:   مخصص للرسل، باكورة العالم الجديد في المسيح، ولرؤساء الكهنة خلفاؤهم في شخص القديس نيقولاوس رئيس أساقفة مدينة ميراليكية.

يوم الجمعة:   يوم صلب المسيح من أجل خلاص العالم.

يوم السبت:   مخصص لوالدة الإله والقديسين المنتقلين إلى المجد الإلهي، ونفوس جميع الراقدين على رجاء القيامة.

يوم الأحد:   وهو اليوم الذي نذكر فيه قيامة مخلصنا من بين الأموات، وتحقيق الوعد الإلهي بخلاص الإنسان.

3- الــدور السنــوي:

تبدأ السنة الكنسية في أول أيلول. وهو مرتبط بعيد المظال اليهودي، وذلك نسبة إلى الخيمة أو المظلة التي كانت تغطي تابوت العهد قبل أن يبنى هيكل سليمان.  

وتقسم السنة الكنسية إلى قسمين:

1-    قسم مبني على الفصح:

حيث الفصح وهو عيد الأعياد وموسم المواسم، وهو قلب السنة، وقبله ستة أسابيع يكون الصوم، وبعده بخمسين يوماً عيد العنصرة. وقبل أن ندخل الصوم هناك آحاد التهيئة للصوم.

إذاً السنة الكنسية تقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

من الفصح إلى الأحد بعد العنصرة (أحد جميع القديسين): وهو ما يدعى البنديكوستاري؛ أي الخمسين يوماً بعد الفصح. ويتضمن كذلك خميس الصعود وعيد العنصرة.

من أحد جميع القديسين إلى أحد الفريسي والعشار، وهو ما يسمى بالفسحة ونستعمل فيها كتاب المعزي.

من أحد الفريسي والعشار إلى  السبت العظيم أو ما يسمى سبت النور وهذه الفترة تسمى فترة التريودي وهي كما قلنا فترة تهيئة للصوم، والصوم، والأسبوع العظيم المقدس.

2-    قسم آخر مبني على الأعياد الشهرية: 

وتبدأ من أول شهر أيلول، وكل يوم يوم من أيام السنة مخصص لعدد من القديسين؛ إما لذكرى استشهادهم أو نقل بقاياهم أو غير ذلك.

وضمن الأعياد الشهرية تقع أعياد هامة مثل:

25 ك 1    عيد الميلاد

1ك2       عيد ختانة الرب وتسميته

خاتمــة:

تدخل المسيحية في صلب حياة الإنسان، تصبح الإنسان نفسه. إيمان المسيحي لا ينفصل في الكنيسة وخارجها، بل هو إيمان يحمله المسيحي فكراً وعملاً في حياته، ومصدر ذلك الإيمان هو المسيح، الذي نأخذه في حياتنا الكنسية وفي صلواتنا الفردية.

تعطينا الكنيسة المسيح لنحمله في حياتنا كلها، وتشاركنا الكنيسة هذه الحياة عبر صلوات معينة في أوقات حياتنا الكثيرة، حتى تزيد نعمة الرب المحيية دائماً علينا.

فالمسيحية ليست مثالية أو هي بعيدة المنال، بل إننا نحياها بمقدار ما نقتنع ونعيش ونصلي. فنجعلها إذ ذاك بمقدار تفاعلنا معها و مع المسيح حقيقةً للجميع.

الصلاة هي عِشرة مع المحبوب، يود المحبّ لو يعيش العمر كلّه إلى جانب حبيبه، هذا هو المفهوم الحقيقي لحياتنا مع الله، أن نريد أن نشعر دائماً بقربه، ونتمنى دائماً لهذا اللقاء أن يستمر في كل مكان نكون فيه.

متى عرف الإنسان الله حقيقةً يتمنى ألا يغفل عنه ذلك النور الأبدي.

 

 

                                       

 

الصفحة الرئيسية  |  الكنيسة  |  آبائيات  |  دينيات  |  مقالات  |  نشاطات  |  معلومات  |  أماكن مقدسة  |  خريطة الموقع  |  أتصل بنا
© 2006-2009 الأب الكسندروس اسد. جميع الحقوق محفوظة - تصميم وتطوير اسد للتصميم