إن الطبيعة البشرية مخلوقة على صورة الله ومثاله، فآباؤنا يقولون إن واحدة من صفات هذه الصورة هي الحرية الشخصية. فالأولاد خلال إيجاد وتصنيف الأفكار عن الحياة والله، يتوصلون أحياناً إلى إدراك أن الحرية هي ضرورة روحية، فيُنشدونها نابعة من غريزة روحية، وليس دائماً يتعاطون معها بتمييز.
وغالباً ما يخاف الآباء والأمهات الذين التزموا طريق المسيح، من السماح لأولادهم بتخطّي الحدود التي وضعوها هم لأنفسهم. وهذا ما قد يعيق الأولاد (الذين ينتمون إلى محيط آخر) من بناء إيمان شخصي حرّ، ملائم لحياتهم وظروفهم. فالأولاد بحاجة إلى ممارسة حريتهم في الاختيار أثناء وجودنا معهم لإرشادهم. يجب أن نُرخي اللجام تدريجياً أثناء نموهم. وأن نتوقع لحظات تتسبّب لنا فيها حرية أولادنا بالغمّ؛ وهذا الألم مماثل لمعاناة الله الرحيم، الذي تعهّد "بمجازفة" الخلق.
إن حجز الأولاد بعد وصولهم إلى درجة معينة من النمو هو حلّ رخيص؛ وهو أسهل لكنه أقلّ فاعلية من فهمهم والصلاة لأجلهم. إلا أن الولد الذي تربّى في روح المسيح لن يحتاج إلى ذلك.
الحرية لا تعني أن "تعمل ما تريد". فنحن لن نساعد أولادنا إن سمحنا لهم بالاستقلال عنا منذ سن الثالثة عشرة فاستخدام بعض التقييد يوفّر الأمان للمراهقين خاصة إذا كانوا يثقون بوالديهم ويحترمونهم. وقد تحصل المشاكل إن كان الوالدان صارمَين لدرجة يبدأ فيها الأولاد بالخنق عليهم إذ يغدو قلبهم بارداً تجاه والديهم وما يمثلونه، كالكنيسة أو حتى الرب نفسه. لذلك فالطريق الملوكي بين الحرية الزائدة والحماية الزائدة هو ما يجب أن يُطلب أيضاً وأيضاً، بصلاة وفهم.
حتى ولو كان علينا أن نُجيب مراهقاً بـ "لا"، يجب أن نصغي حقيقة إلى طلبات أولادنا، وأن نُظهر رغبتنا في إفساح المجال لهم حتى لو لم يكن هنالك عائق حقيقي. وإلا سيتوقف أولادنا عن إخبارنا بحقيقة رغباتهم وأفكارهم. إنه لمن المحزن أن يقول المراهقون: "لن أتجرأ على قول ذلك لأمي" أو "سوف يُصدَم والدي بمجرد أن أسأل".
إن القول المعروف للمغبوط أوغسطين: "أحبب، واعمل ما تريد"، يعني حقيقة: "أحبب الله، واعمل ما تريد". قد تكون تلك حكمة جيدة للمراهقين ولأولئك الذي يقودونهم على الطريق المسيحي. إن محبة الله هي الحافظ والضمانة للتوبة مهما ارتكبنا من الخطايا. إن الولد المحب لله هو في أمان أكثر من ذاك المحصور لدرجة يتمرّد فيها على الله.