أيتها الأرثوذكسية..تعصفُ بكِ أهوجُ العواصف..وتحاربكِ اشرسُ القوات المظلمة لاقتلاعكِ من العالم..وانتزاعكِ من قلوب الناس..ارادوكِ أملاً مفقوداً..ومتحفاً مهجوراً..وماضياً مأساوياً..وتاريخاً منسياً..لكن الله القدير الكلي الحكمة يسيطر على هذه الفوضى ويحميكِ منها وردة مفتحة تفوح بعطرها ارجاء المسكونة..ويحافظ عليكِ في قلوب البسطاء..وها انتِ كما أنتِ حيَّة قوية تغذين الاجيال وتفلحين كل بقعة جرداء..وتزرعين الأمل في نفوس الضعفاء..وتباركين الحاقدين والأعداء..وتوزعين قوة وحياة ونوراً..وتفتحين للناس ابواب الابدية..قوية عتيدة ايتها الارثوذكسية  
 الصفحة الرئيسية > معجزات ربانية
المسامير

معلولا بلدة قلمونية سورية تقع في الشمال الشرقي من دمشق وتبعد عنها /56/ كم وهي محاطة بجبال القلمون التي تصلها بالسلسلة القلمونية التي قطعتها القديسة تقلا في اجتيازها .

منازلها هي الوحيدة في سوريا التي تعطي نموذجاً غريباً في بنائها فهي مؤسسة على الصخر ومتصاعدة فوق بعضها البعض على شكل مدرج غريب تكاد تنعدم فيه الطرق سوى ممرات ضيقة يخيّل للناظر إليها كأنها خلايا النحل، وداخل تلك المنازل مغاور وكهوف يتحصن فيها السكان أيام الضيق الاضطهادات معتصمين بمواقعها الحصينة، ولا تزال السلالم الخشبية القديمة العالية شاهدة عيان عما مر فيها في تلك الأيام العصيبة .

أهالي معلولا يتميزون بلغتهم الخاصة عن غيرهم إذ يتكلمون اللغة الآرامية التي تكلم بها السيد المسيح وما زالت شائعة بينهم حتى يومنا هذا وهي لغتهم الأساسية .

ودير القديسة تقلا في معلولا هو المقصود في هذه المنطقة من قبل جميع الأديان والطوائف على اختلاف معتقداتها، فهو الدير الأم الذي يحضن سائر الزائرين بخشوع وأصحاب النذور والحجاج ونقول " الحجاج " لأنه من الأمكنة المقدسة التي كان يقصدها المسيحيون والمسلمون قبل حجهم إلى القدس الشريف لزيارة القبر المقدس وجامع الأقصى الشريف .

السيد الياس سركيس دامون من سكان قرية معلولا وهو شاب في مقتبل العمر من مواليد عام 1973، عامل مكافح يكسب رزقه من عمله في احد معامل الأحذية في منطقة حرستا في دمشق ومن طبيعة عمله أن يضع كمية من المسامير في فمه، ويأخذ منها الواحد تلو الآخر ليثبت النعال في الحذاء كما هي الحال لكل اسكافي، وفي تاريخ يوم 22/5/2007 وبينما هو منهمك في عمله جاءه رب عمله ليتحدث معه في أمر ما، فنسي نفسه وابتلع كمية المسامير التي في فمه، فنقل حالاً إلى الطبيب انس عجي الذي حاول إنقاذه بعد أن أجرى له عملية تنظير لمعدته كما يبدو في الصورة الإشعاعية أعلاه، وتأكد من وجود المسامير فيها، وبما أن المسامير لم تكن قد تثبتت في جدار معدته بعد، فقد نصحه الطبيب بأن يأكل أطعمة ذات ألياف مثل التفاح مع قشرته والخس وغيره، مما يساعده على نزع المسامير واخراجها من معدته، إلا أن الأمر راح يتفاقم يوماً بعد يوم وليس هناك من نتيجة ايجابية مرجوة، والألم يشتد ويزداد، وأصبحت المسامير تغرز في معدته مسببة نزيفاً وقيحاً وألماً مبرحاً، مما اضطر للجوء إلى الدكتور معن المالكي الذي أشار عليه إتباع نفس العلاج السابق علَّ وعسى أن يجد الشفاء به، وكذلك كان العلاج دون جدوى، والألم راح يزداد ويشتد يوماً بعد يوم، فنصحه الأصدقاء باللجوء إلى الدكتور حسان غزي الذي أجرى له صورة بالرنين المغناطيسي، وتبين له بأن الحالة متفاقمة جداً ويحتاج إلى عملية جراحية سريعة ولكنها خطيرة، والأمل من نتائجها ضئيل جداً وربما يفارق الحياة خلالها، لأن المسامير قد توزعت في عدة أمكنة من معدته وأمعائه، والنزف والقيح قد انتشر بشكل خطير في معظم أجزاء جسمه مما يسبب له التسمم فيصعب معه الشفاء، وفي غمرة اليأس والألم قرر السيد الياس دامون إجراء العملية الجراحية مهما كانت النتائج لأنه لم يعد يحتمل الألم، مسلماً أمره لله وللطبيب الجراح ربما يجد على يده الشفاء، إلا أن الخوف كان يتملكه لأن احتمال نجاح العملية 5% أو 6% فقط كما أخبره بذلك الطبيب.

وقبل إجراء العملية بيومين وكان يوم احد الواقع في 3/6/2007 أراد أن يزور دير القديسة تقلا طالباً معونتها أثناء العملية الجراحية، واليأس والألم يسيطران عليه، فزار مقام القديسة المقدس حيث جثمانها الطاهر مسجى فيه، وطلب من الراهبة خادمة المقام أن تصلي له وتطلب له الشفاء من الله والقديسة صاحبة العجائب المتكررة والمستعصية، فأجابته بما انه لجأ إلى القديسة تقلا عليه أن يطلب هو بنفسه منها مباشرة ولن تخيّب ظنه، وإن شاء الله لن يحتاج إلى أية عملية بعد تدخل العناية الإلهية، وأعطته ملعقة من زيت القنديل المشتعل في المقام المقدس فشربها وأصبح مطمئناً بعض الشيء، وركع ساجداً أمام نافذة قبر القديسة وراح يبكي بحرارة طالباً معونتها للشفاء لأنه لم يعد يستطع احتمال الألم الذي لا يطاق، وخرج من المقام المقدس وجلس على إحدى درجاته الجانبية تحت صورة للقديس إيليان الحمصي الطبيب الشافي وهو يبكي ويطلب المعونة منه أيضاً.

وفي غمرة حالته هذه شعر بيد شخص تربِّت على كتفه، فنظر إليه فإذا بالقديسة تقلا العظيمة في الشهيدات تظهر له ببهائها ونورها حاملة الصليب بيدها، فصاح من شدة ألمه ودون وعي طالباً منها الشفاء واخبرها بأن عمليته خطيرة والرجاء منها ضئيل جداً، فأجابته بالتأكيد وكأنها تعرف كل شيء، وقالت له:
"صحيح إن عمليتك صعبة وخطيرة!..
هل عجزتَ من شفاء الأطباء لكَ حتى التجأتَ إلينا أخيراً؟..
المسيح هو الطبيب الحقيقي وليس البشر..
ومع صليب المسيح ليس هناك من شيء صعب"

وهنا رأى الصليب الذي تحمله في يدها يلمع ويتلألأ، وكان واقفاً بقربها كل من النبي الياس حاملاً بيده عكازاً والقديس جاورجيوس وفي يده رمحاً يعلوه صليب صغير، وقد هزّوا برؤوسهما مؤيدين كلام القديسة، فأمسكت القديسة بيد السيد الياس وقالت له:
" تعــال لنذهــب!.."

فذهب معهم إلى مكان لم يراه في حياته من قبل، ولا يستطيع لسان بشر أن يصف جماله، ولم تراه عين بشر ولم تسمع به إذن، فشاهد الملائكة تطير فيه هنا وهناك، والأنوار الساطعة الجميلة تتلألأ كالجواهر واللآليء وتملأ كل مكان بالفرح والسلام، والشلالات والأشجار غيرالمألوفة على الأرض تجمّل المكان برونق لونها وانسيابها، ورأى نهراً احتار في أمره هل هو نهر ماء حقاً أم أنه نهر لؤلؤ ومرجان، لأن الماء الذي يجري فيه كان يتلألأ كاللؤلؤ المنثور والأنوار تنبعث منه، فطلبت منه القديسة تقلا أن يشرب من النهر لأنه نهر الجنة، وقالت له :
"هذا هو النهر الذي قال عنه الرب يسوع، مَنْ آمن وشرب منه فلن يعطش أبداً"

ومدت يدها فوق النهر والصليب بيدها فخرج من الصليب نور ونار باتجاه معدته فشعرحالاً بارتياح كبيرولم يعد يشعر بأي ألم، وملأ قلبه الفرح والسلام، فاقترب منه النبي الياس وسلمه العكاز الذي كان بيده وقال له:
"خذ هذا العكاز فهو سيعينك بالشدائد، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً"

وأما القديس جاورجيوس فقد لمع الصليب على رأس رمحه وقال له:
"لماذا لجأتَ إلى الأطباء البشر ولم تلجأ إلى المسيح والصليب، هما الطبيبان الوحيدان اللذان وهباك الشفاء الآن فليكن ذلك درساً لك ولغيرك"

فرتبت القديسة تقلا بالصليب على كتفه وقالت له:
" آمِــنْ، آمِــنْ، آمِــنْ "

ثم قالوا له جميعهم:
 "اذهــبْ بســلام"

ورسموا ثلاثتهم إشارة الصليب على صدورهم، وطلبوا منه أن يبشر بهذه الأعجوبة ابتداءً من قرية معلولا، وأن لا يخاف أحداً من مضطهديه ومضايقيه وهم كثر لأنهم سيكونون معه وبجانبه ويعضدونه، ورسم هو أيضاً إشارة الصليب على صدره وانتهت الرؤيا.

من شدة فرحه وتأكيده من شفائه راح يتلمس معدته التي لم يستطع قبلاً أن يلمسها أبداً من شدة الألم بسبب النزف والتقيح، فلم يشعر بأي ألم فيها وراح يركض ويرقص فرحاً في كل مكان في الدير، غير مصدق ما حصل له وهو يهلل متجهاً إلى غرفة رئيسة الدير، واخبرها بالنبأ العظيم الذي باركته وأيدته لكثرة عجائب القديسة تقلا في الآونة الأخيرة خاصة، حيث إيمان المسيحيين قد تضاءل كثيراً جداً بسبب ما يقدمه العلم من بدع واكتشافات واختراعات مضللة مما قلل الإيمان بوجود الله ومراحمه، وانصاعوا وراء الشيطان وحيله مطيعين أوامره ومؤمنين به، فطلبت منه الرئيسة بأن يذهب حالاً إلى مصور الأشعة ويحصل على صورة جديدة لمعدته لتأكيد صحة الأعجوبة، وفي صباح اليوم التالي قام بتصوير معدته ولم يجد فيها أي أثر لأي مسمار، مما أكد حقيقة وصحة وقوع الأعجوبة، كما أنه عرضها على طبيبه الجراح الذي أكد صحة الصورة الإشعاعية وتاريخها بعد حدوث الأعجوبة مباشرة وقبل إجراء العملية الجراحية له وهو الآن يتنقل من مكان إلى آخر يقص قصته بكل إيمان وفرح وسعادة، وكل من يسمعها يهرع إلى الدير طالباً العون من القديسة تقلا ويتبارك من الزيت الذي ينضح من أيقونتها العجائبية.

وفي يوم 5/6/2007 وجد السيد الياس أيقونة القديسة تقلا التي أهدته إياها رئيسة الدير ليصلي أمامها ويطلب معونتها وأشفيتها تنضح بالزيت المقدس، فحملها حالاً وهرع بها إلى الدير حيث وُضعتْ في الكنيسة للتبرك منها، وقد صرحت إحدى الراهبات وبعض شهود العيان بأن الزيت كان ينضح منها بغزارة لا توصف، ولم يُشاهد لها مثيل من قبل، ولم يبقَ احد في القرية وما حولها ممَنْ سمع بها إلا وهرع إلى الدير ورأى بأم عينيه نضوح الزيت وتباركَ منه، حاملاً معه زاداً إلهياً إلى اسرته وأهله بقطعة من القطن المبللة به تبركاً وإيماناً، وأصبحت الأيقونة تنتقل من منزل إلى آخر لتفيض على سكانه النعم الإلهية والأشفية والبركة.

فيا أيتها القديسة العظيمة في الشهيدات صلي لأجلنا وقوي ضعف إيماننا، واحفظينا من الشدائد والنكبات والإضطهادات، آمين

 

 

                                       

الصفحة الرئيسية  |  الكنيسة  |  آبائيات  |  دينيات  |  مقالات  |  نشاطات  |  معلومات  |  أماكن مقدسة  |  خريطة الموقع  |  أتصل بنا
© 2006-2009 الأب الكسندروس اسد. جميع الحقوق محفوظة - تصميم وتطوير اسد للتصميم