"طوبى لمّنْ لم يرى وآمن"
خدم كاهن في إحدى البلاد العربية الشقيقة، وكان مسؤولاً عن رعية هي خليط من عدة جنسيات عربية وأجنبية وآشورية، وفي أحد الأيام جرت مناقشة بينه وبين فتاة آشورية أرثوذكسية بالانتماء من أصل نسطوري، وقد انتسب أهلها إلى الأرثوذكسية بحكم موقعهم الجغرافي، ولم تكن تؤمن بأن الخبز والخمر في القربان المقدس يتحولان إلى جسد ودم السيد المسيح الحقيقيين بطريقة غير منظورة وغير محسوسة بعد أن يتناوله المؤمن، إلا أن المناقشة طالت دون جدوى ووصلت إلى طريق مسدود، فعندئذٍ توقف الكاهن عن النقاش وترك الأمر للرب يسوع ليُظهر لها بطريقته الخاصة حقيقة التحول هذه.
وعندما اقترب عيد الميلاد المجيد وصام الجميع لكي يفطروا بعد قداس العيد مباشرة، كانت هي أيضاً من ضمن الصائمين، وبعد أن أقام الكاهن قداس العيد وتناول الجميع القربان المقدس بما فيهم هي، شاهدها الكاهن واقفة في إحدى زوايا الكنيسة شاحبة وهي اللون وفي حالة هلع وخوف، فتقدمت نحوه لتعيّده وتطلب منه السماح والمغفرة، وعندما استفسر عن الأمر أجابته قائلة: "إن طعم الدم ما زال في فمي"، وصرَّحت له بأن قطعة الخبز التي تناولتها مع الخمر قد تحولت في فمها إلى قطعة "لحم حقيقية"، والخمر قد تحول إلى "دم بشر حقيقي"، فطلب الكاهن بأن تبقى مؤمنة وتزيل الشك من تفكيرها لأن الشك من أعمال الشيطان ليبعدنا عن الإيمان بالرب يسوع، فالإيمان لا يحتاج إلى الشك لإثباته، والرب قد أراد أن يُظهر لها الحقيقة ليقوى إيمانها ليزول الشك منها كما فعل مع رسوله القديس توما، وطلب منها أن لا تجرب الرب مرة ثانية، لأن الإيمان ليس أمراً ملموساً ومنظوراً كالمادة،
"فطوبى لمَنْ لم يرى وآمن".