س
 

جاورجيوس

 قسطنطين وهيلانة

  ألكسندروس وأنطونينا

  يعقوب المقطع

النبي ايليا

 بطرس وبولس

 كبريانوس  

رقاد السيدة

ميلاد السيدة

رفع الصليب الكريم

بيلاجيـا

 

القديسة مارينــا

                           العظيمة في الشهيدات

17/تمــوز                          

        عاشت القديسة مارينا في القرن الثالث الميلادي في عهد الملك كلاوديوس، وهي ابنة لكاهن وثني ومن مدينة بيسيديا في كيليكيا، وأصبحت يتيمة الأم وهي طفلة صغيرة فعهد بها أبوها إلى مربية مسيحية لقنتها العقيدة المسيحية سراً وآمنت بالرب يسوع واعتمدت، وعندما أصبحت شابة علم أبوها بالأمر فخاف من الفضيحة مما  يؤثر ذلك على حياته الكهنوتية والاجتماعية، وبما أنها الوحيدة لديه وكان يخصها بحب كبير ولم يرد أن تنال العذاب بسبب إيمانها بالرب يسوع فطلب منها الهرب والعيش بعيدةً عنه.

      وبمشورة مربيتها المسيحية لجأت إلى احد الأديار الرهبانية بعد أن لبست لبس الرجال ليتم قبولها في الدير تحت اسم "مارين"، لأن الأديار آنذاك كانت للذكور فقط وليس للنساء حظوة فيها، فعاشت في الدير تخدم الرب بكل إخلاص وجد ونشاط، محبة، مطيعة إلى ابعد الحدود، مخلصة، ومؤمنة، مما جعل جميع الرهبان بما فيهم رئيس الدير يحبونها دون أن يعلموا بأنها أنثى.

     كان من عادة الرهبان أن يتلقوا المعونات والتبرعات من أغنياء المنطقة لتساعدهم في استمرارية العيش، وبين الحين والآخر تذهب مجموعة من الرهبان إلى فندق احد الأغنياء لاستلام مثل هذه المساعدات منه، وكان يرتاد الفندق احد الضباط في المملكة وقد وقع بحب ابنة الفندق التي اغتصبها وحملت منه، وفي احد الأيام وكالعادة ذهبت مجموعة من الرهبان إلى الفندق لاستلام التبرعات وكان بينهم الراهب مارين، فنال الراهب مارين إعجاب صاحب الفندق لما رآه فيه من وداعة وحسن أخلاق ومحبة، فأغدق عليهم التبرعات ففرح الرهبان بذلك وابلغوا رئيس الدير الذي شكر الله على نعمه غير المحدودة.

   ولما حان أوان ولادة ابنة صاحب الفندق وولدت الطفل أراد والدها أن يعرف مَنْ هو والده، فلم تعترف خوفاً من العقاب والفضيحة واتهمت الراهب مارين باغتصابها، مما أثار غضب والدها فحمل الطفل وذهب به إلى الدير متشكياً ومؤنباً، فجمع رئيس الدير الرهبان وأطلعهم على الأمر وحكموا على الراهب مارين بالطرد الذي لم يتفوه بكلمة اعتراض حاملاً معه الطفل، فحمل صليبه الذي هيأه الرب يسوع له ليمتحنه، بكل طاعة ولجأ إلى إحدى المغاور القريبة من الدير يربي الطفل بكل عناية على العقيدة المسيحية وعلى حب الرب والغرباء والصلاة الدائمة.

   وبين الحين والآخر كان الرهبان يقدمون له الأطعمة سراً خوفاً من عقاب رئيس الدير، وكانت بعض نساء القرية القريبة من الدير يوافونه بالحليب لتغذية الطفل، وكان الطفل يترعرع في أحضان أم حنون قديسة غير أمه الحقيقية على حب يسوع وإضافة الغرباء في تلك المغارة الصغيرة الحقيرة، دون أن يعلم أبداً انها أنثى بل أنها رجل وأن مارين هو والده وليست والدته.

   أصبح الطفل في سن العاشرة من عمره، وراح يتردد على الدير بطلب من أبيه الراهب مارين يخدم الرهبان ويساعدهم في الخدمة وفي الحقل وفي جميع المجالات لتي يستطيع القيام بها، مما جعل الرهبان يعطفون عليه ويحبونه لطاعته وحبه وتواضعه وإكراما لأبيه الراهب مارين رفيق حياتهم الرهبانية الذي جاروا عليه بحكمهم والذي ذاع صيته في أرجاء المنطقة كلها، وكانوا بين الحين والآخر يتوسلون برئيسهم ليعفو عن الراهب مارين ويسامحه ويعيده إلى العيش في الدير ولكن دون جدوى، معتقداً رئيس الدير بأنه قد حافظ على صلاحية الملح دون فساد وأبعد الشرير عن ديره ورهبانه، وأبعد الفضيحة والسمعة السيئة عنه، دون أن يعلموا جميعهم أنهم قد وقعوا في شرك الشيطان الخبيث ونجا الراهب مارين منه بالطاعة العمياء والحب العظيم.

   أراد الرب يسوع أن يريح هذا الراهب من حمل صليبه الكبير، الذي حمله بكل طاعة وبدون أي اعتراض وبمحبة كبيرة إكراما للرب يسوع واقتداءً به، وأن يظهر للعالم الحقيقة الخفية، ولكي تنتشر حقيقة هذا الراهب مثال الطهارة والطاعة والمحبة والفداء وتتناقلها الأجيال على مر العصور، فأسلم الراهب مارين روحه لأيدي ربه الحبيب، وهرع الرهبان للقيام بواجبات الصلاة والدفن، وكانت التقاليد تفرض غسل الجثة وتطييبها وتكفينها قبل الدفن، وكم كانت دهشة الرهبان كبيرة وعظيمة عندما اكتشفوا أن الراهب مارين هو أنثى ليس ذكراً، وكم كان خوفهم جميعاً من عقاب الرب يسوع على تسرعهم بالحكم عليه وقساوة قلوبهم دون التأكد من صحة التهمة، فراحوا يبكون ويتوسلون بحرارة من جثمان القديسة العظيمة مارينا للتضرع إلى الرب يسوع ليتشفع فيهم ويغفر خطيئتهم العظيمة في حقها، فسمعوا جميعهم صوتها الرقيق الدفيء بأن طلبتهم قد استجيبت وغفر لهم الرب خطيئتهم على أن يكونوا أكثر حكمة ودراية قبل إصدار قراراتهم على الآخرين.

   انتشر خبر القديسة مارينا في كل أرجاء المنطقة كانتشار النار في الهشيم، وجاء والدا الصبي بنحيب وبكاء مرّين ليطلبوا السماح والمغفرة من جثمان القديسة التي قبلت أن تربي الطفل وتتبناه بصمت ومحبة، وتستر عارهم متحملة قساوة الحكم الصادر بحقها، فطلبا من رئيس لدير أن يسلم لهما الصبي الذي رفض كل الرفض العودة إلى الحياة الفانية وقال لهم: "إن أبي وأمي هي القديسة مارينا التي ربتني على الإيمان والتقوى وحب الغريب، إن حياتي ليست ملكاً لكما بل ملكاً للرب يسوع الذي أريد أن أكون خادماً له ولحقله المقدس طوال حياتي، فمهما فعلت له لن أفيه حبه العظيم وفدائه لنا"، فدخل الدير وأصبح كاهناً ورعاً محباً ذائع الصيت وأصبح قديساً.

   لقد فرحت القديسة مارينا بحكم الرهبان عليها، لأنها أنقذت نفساً من الضياع والفساد وأعادته إلى حظيرة الرب يسوع، فعلمت الصبي وربته على الإيمان والتقوى والحب الكبير للجميع حتى الأعداء، وأضافت إلى حقل الرب يسوع خادماً آخر مخلصاً ومحباً ومطيعاً وكاهناً قديساً أحصي مع القديسين في ملكوت السماوات، فما أعظم حكمتك يا رب وما أعظم حبك.

فبشفاعاتها أيها الرب يسوع ارحمنا وخلصنا، آميـــن.

طروبارية القديسة مارينا:

   نعجتك يا يسوع تصرخ نحوك بصوت عظيم قائلة:
يا ختني إني اشتاق إليك
وأجاهد طالبة إياك
واصلبُ وادفنُ معك في معموديتك
وأتألمُ لأجلك حتى املك معك
وأموتُ عنك لكي أحيا بك
لكن كذبيحة بلا عيب تقبل التي بشوق قد ذبحت لك
فبشفاعاتها بما انكَ رحيم خلص نفوسنا.