مار تقلا  سيدة صيدنايا

  الشيروبيم             

 مار يعقوب/سوريا             

ديــر مــار يعقــوب المقطــع/دده-لبنان

27/تشرين الثاني

     هذا الدير عريق الجذور وضارب في القدم، وقد تعاقبت عليه قوافل الرهبان والنساك على مدى القرون والأجيال، إلا أن أهميته الخاصة تعود إلى العام 1953 حين تركت مجموعة من الفتيات الأرثوذكسيات المؤمنات منازلهن بعد أن جاهدن سنوات عديدة اختبرن وصارعن فيها حياة الدنيا والمشقات والمصاعب الشديدة التي واجهتهن، فاجتمعن في منزل استأجرنه في ضواحي بيروت بانتظار ولوجهن في دير من أديرة الكرسي الأنطاكي المقدس، حيث عشن حياة جماعية مبنية على الصلاة والعمل، ثم انتقلن عام 1954 إلى دير مار جرجس الحرف في قضاء المتن الأعلى، بعد أن اعترف بهن المثلث الرحمات البطريرك الإنطاكي ثيودوسيوس أبو رجيلة الذي كان مطران طرابلس آنذاك، فأذن بقبولهن في دير مار يعقوب المقطع الواقع ضمن أبرشيته، فرمم قسم من الدير وخصصه لسكنهن، وفي احد حاملات الطيب عام 1956 مثلن أمامه وارتدين الإسكيم الرهباني وعشن في الدير برئاسة الراهبة سلام قدسية.

   سلكت هذه الكوكبة المتسربلة بثوب العفة والطهارة والزهد والعبادة طريق الرب يسوع إلى ملكوت السموات ورممن بقية أجنحة الدير، واستقبلن الفتيات القاصدات الحياة الرهبانية، واشتهر بقداسة سيرتهن وورعن وحياتهن الطاهرة المشهودة لها، حتى غدا منارة هداية وضياء وينبوع عطاء تتدفق منه شلالات أعمال البر والتقوى من علو هضبة دده نظراً لما يمثله من إشعاع روحي للمنطقة كلها، فهو واحة ومحطة لكل معذب ومهموم ومظلوم ومتعب كما هو مشفى روحي يقصده الناس أفراداً وجماعات متزوجين وعازبين فيقضون في رحابه ساعات طوال طالبين النصح والإرشاد والحلول لمشاكلهم الروحية والنفسية والاجتماعية والعائلية، أو مقيمين فيه الرياضات الروحية والسهرانيات

   راهباته ينصرفن إلى العمل متوزعات على مهن وأعمال متعددة، مثل العمل في زراعة الأرض، والتعليم الديني للكبار والصغار، ورسم الأيقونات، والتطريز والخياطة وغيرها..

    تعرّض الدير إلى الخراب والدمار خلال الحرب الأهلية اللبنانية، فتوزعت راهباته ما بين مناطق في سوريا ولبنان إلى أن انتهت الحرب وعدن إليه ورممنه وسكنه من جديد.

    يمتاز الدير بوجود قطعة من بقايا القديس العظيم يعقوب المقطع، وهي تحمي المؤمنين وتبارك أعمالهم في البر وتعين الراهبات وتقوي مسيرتهن الرهبانية.

    ما زال الدير وسيبقى صرحاً أرثوذكسيا شامخاً في لبنان، وجوقته مشهورة في أصول الترتيل الكنسي البيزنطي فهو مدرسة خاصة في الحياة الرهبانية والنسك والعبادة والتعليم، وله حظوة خاصة في نفوس المؤمنين من كل طائفة ومذهب ودين.

     انه ابرز شاهد وانصع دليل على استمرار الكرازة بقيامة مخلصنا الرب يسوع المسيح من بين الأموات، وبالإيمان بهذه الكرازة يكون طريق الخلاص.